للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جرت له فصول وأمور، وخنق بين يدي الملك الأشرف، ثم خلي فإذا فيه روح، ثم ثابت إليه نفسه بعد الإياس فرق له السلطان وأطلقه، ثم أحسن إليه ورده إلى رتبته، وقد ذكرنا من أخباره في دولة الأشرف.

وقيل: إنه إنما قام على الأشرف وشارك في قتله لكونه تحرش بأهله بنت طقصو، فعز ذلك على لاجين، ولما قتل السلطان هو وبيدرا ساق عندما قتل بيدرا واختفى، وتنقل في بيوت، وقاسى جوعًا وخوفًا، ثم أجاره كتبغا وأحسن إليه، ودخل به إلى السلطان الملك الناصر وقرر معه أن يحسن إليه ويخلع عليه، ففعل ذلك السلطان وحلم عنه، وأعطاه خبزًا، فلما تملك كتبغا جعله نائب سلطنته وقدمه على جيوشه، فجازاه بأن وثب عليه، وقتل غلاميه وعضديه وفارسيه بتخاص والأزرق، ثم تغافل عنه لما له من الأيادي البليغة، فهرب كتبغا على فرس النوبة في خمسة مماليك، والتجأ إلى دمشق، وزال ملكه، واستاق لاجين الخزائن والعساكر بين يديه، وساق تحت العصائب، وما دخل غزة إلا وهو سلطان، وأطاعته الأمراء، ولم يختلف عليه اثنان ولا انتطح فيها عنزان، وزينت له الإقليمان، وتملك في أول صفر، وجلس على سرير الملك بمصر في يوم الجمعة عاشر صفر سنة ست وتسعين، وبعث على نيابة دمشق قبجق خشداشه، وجعل نائبه للديار المصرية قراسنقر إلى أن تمكن وقبض عليه في ذي القعدة، وأقام في نيابة الملك مملوكه منكودمر، فشرع يحسن له القبض على الأمراء ليصفى الوقت له، وهو لا يكاد يخالفه، فأمسك البيسري وقراسنقر المنصوري وعز الدين أيبك الحموي، وسقى جماعة، وبسبب ذلك هرب قبجق وبكتمر وألبكي وبزلار إلى التتار.

ولم يخرج إلى الشام مدة ملكه، وبقي في الآخر يقلل من الركوب ويتخوف من الأمراء، ولما كان يوم الخميس عاشر ربيع الآخر ركب في موكبه وهو صائم، فلما كان بعد عشاء الآخرة قتل، عمل عليه جماعة من الأشرفية خوفًا منه وأخذًا بثأر أستاذهم، فقرأت بخط ابن أبي الفتح، قال: نقلت من خط القاضي حسام الدين الحنفي: قتل السلطان الشهيد حسام الدين أبو الفتح لاجين الملك المنصور في آخر الساعة الثالثة من ليلة الجمعة الثاني عشر من

<<  <  ج: ص:  >  >>