وذكر ابن عبد الظاهر في السيرة الظاهرية: قال لي مولانا السلطان: إن الذي أنفقه على الخليفة والملوك المواصلة ألف ألف دينار وستين ألف دينار عينا.
قال أبو شامة: نزل الخليفة بالتربة الناصرية بقاسيون، ودخل يوم الجمعة إلى جامع دمشق إلى المقصورة، وجاء إليها بعده السلطان الملك الظاهر ثم خرجا ومشيا إلى جهة مركوب الخليفة بباب البريد، ثم رجع السلطان إلى باب الزيادة.
قال قطب الدّين: سافر الخليفة وصاحب الموصل إلى الرحبة، ففارق صاحب الموصل وأخوه الخليفة، ثم نزل الخليفة بمن معه مشهد علي رضي الله عنه، ولما وصلوا إلى عانة وجدوا بها الحاكم بأمر الله أحمد، ومعه نحو من سبعمائة نفس فاستمالهم الخليفة المستنصر، وأنزل الحاكم معه في دهليزه، وتسلم الخليفة عانة، وحمل إليه واليها وناظرها الإقامة فأقطعها، ثم وصل إلى الحديثة ففتحها أهلُها له، فلما اتصل ذلك بمقدم المغل بالعراق وبشحنة بغداد خرج المقدم بخمسة الآف وقصد الأنبار فدخلها، وقتل جميع من فيها، ثم لحقه الشحنة، ووصل الخليفة إلى هيت، فأغلق أهلها الأبواب، فحصرها ثم دخلها في التاسع والعشرين من ذي الحجة، ونهب من بها من أهل الذمة، ثم نزل الدور، وبعث طليعة، فوصلت إلى الأنبار في الثالث من المحرم سنة ستين، فعبرت التّتار ليلا في المخائض والمراكب، فلما أسفر الصبح التقى عسكر الخليفة والتّتار فانكسر أولا الشحنة، ووقع معظم أصحابه ف الفرات، ثم خرج كمينٌ للتّتار، فهرب التّركمان والعرب، وأحاط الكمين بعسكر الخليفة، فصدقوا الحملة، فأفرج لهم التّتار، فنجا جماعةٌ من المسلمين، منهم الحاكم ونحو خمسيننفسا، وقتل جماعة، وأما الخليفة فالظاهر أنه قتل، وقيل سلِم وأضمرته البلاد، وعن بعضهم أن الخليفة قتل يومئذٍ ثلاثة ثم قتل.