ولد بالجزيرة العمريّة سنة خمسٍ وخمسين وخمسمائة، ونشأ بها، ثمّ تحوّل بهم والدهم إلى الموصل، فسمعوا بها، واشتغلوا.
سمع من خطيب الموصل أبي الفضل، ويحيى الثّقفيّ، ومسلم بن عليّ الشّيحي، وغيرهم. وسمع ببغداد - لمّا سار إليها رسولًا - من عبد المنعم بن كليب، ويعيش بن صدقة الفقيه، وعبد الوهّاب بن سكينة.
وكان إمامًا، نسّابةً، مؤرّخًا أخباريًا، أديبًا، نبيلًا، محتشمًا. وكان بيته مأوى الطّلبة. وأقبل في أواخر عمره على الحديث، وسمع العالي والنّازل حتّى سمع لمّا قدم دمشق من أبي القاسم بن صصرى، وزين الأمناء. وصنّف التاريخ المشهور المسمّى بـ الكامل على الحوادث والسنين في عشر مجلّدات، واختصر الأنساب لأبي سعد السّمعانيّ، وهذّبه، وأفاد فيه أشياء، وهو في مقدار النّصف وأقلّ. وصنّف كتابًا حافلًا في معرفة الصّحابة جمع فيه بين كتاب ابن مندة، وكتاب أبي نعيم، وكتاب ابن عبد البرّ، وكتاب أبي موسى في ذلك، وزاد وأفاد. وشرع في تاريخٍ للموصل، وقدم الشام رسولًا.
وحدّث بحلب ودمشق. روى عنه الدّبيثيّ، والشّهاب القوصيّ، والمجد بن أبي جرادة، ووالده أبو القاسم في تاريخه، وآخرون من أهل الشام والجزيرة. وحدّثنا عنه الشرف ابن عساكر، وسنقرٌ القضائي.
وقال ابن خلّكان: كان بيته بالموصل مجمع الفضلاء، اجتمعت به بحلب، فوجدته مكمّلًا في الفضائل والتّواضع، وكرم الأخلاق، فترددت إليه. وكان طغريل الخادم أتابك الملك العزيز قد أكرمه وأقبل عليه.
فصل في نسبته إلى جزيرة ابن عمر: نسبة إلى عبد العزيز بن عمر البرقعيديّ هو الّذي بناها، فنسبت إليه؛ قاله ابن خلّكان.
وقال: رأيت في تاريخ ابن المستوفي في ترجمة أبي السعادات