وغيبة من يناسب صيَّرتني … بحضرة من ينافيني وحيدًا
أظنّ الطَّرف لما غبتُ عَنْهُ … وقد ذكروا تيمُّمك الصّعيدا
توهّم أن ذاك لفقْد ماءٍ … فأجرى دمعه بحرًا مديدًا
وحقّك با بخيلًا بالتّلاقي … لقد علّمت طَرْفي أن يجودا
وإنّي ميتٌ بالبَيْن حيٌ … لأنّي قد قُتلت به شهيدا
وله من قصيدة:
خُذْ من حديث أنيني المتواتر … ندب الفؤاد بما تجن ضمائري
وافهم فمبهم مُضْمري قد أعربت … عَنْهُ إشارات السّقام الظاهرِ
وأعِد حديثَكَ يا عَذُول فإنّ فِي … أثناء عذْلك ما يسُرّ سرائري
وأمرتني بُسلوِّهِ وبتَرْكه … حاشاك ما أَنَا طائع يا آمري
رشأ نفورٌ صائد ألبابنا … وعقولنا فاعجبْ لصيد النافرِ
يدع الدجى صبحا ضياء جبينه … والصُّبح ليلا بالسناء الباهرِ
واحرَّ أحشائي لشهد بارد … فِي فِيهِ يحميه بلحظٍ فاترِ
حجز الكَرَى عنّي ونام مًهَنّأ … فلهذا أحنّ إلى ليالي الحاجرِ
وأحب سَفْكَ دمي فما عارضتُهُ … فِي ملْكه وأعَنْتُهُ بِمَحَاجِري
ومن شعره أيضًا:
يرى حُسْنها قلبي فإنْ رام وصْفَهُ … لساني ولو أني لَبيد تبلّدا
جَلَتْ لي غداةَ الْجَزع قدًّا مهفهفاً … وجيداً غزالياً وخداً موردا
وطرفاً يبث الوجدُ فِي النّاس لحظهُ … فُنُونًا وكلّ منه في السُّكر عربدا
فكم حزت فيها للخلاعة بيعةً … وكم زرت فيها للملاحة مشهدا
أَبَى الحبُّ أنْ أنسى عهودًا قديمةً … على حفظها أعطيت أهل الهوى يدا
وكتب إلى ابنه وقد سافر وما ودَّعه:
أفدي الذي قد سار كاتم سيره … ضنًّا عليَّ بوقفةِ التّوديعِ
يا مانعي ضمَّ الوداع اسلم ودع … نار الصبابة كلَّها لضلوعي