للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطا، لو ضربته فيلا لهدته.

قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: قال إبراهيم بن الحارث العبادي: قال أبو محمد الطفاوي لأحمد: يا أبا عبد الله، أخبرني عما صنعوا بك، قال: لما ضربت جاء ذاك الطويل اللحية، يعني عجيفا، فضربني بقائم سيفه فقلت: جاء الفرج يضرب عنقي وأستريح. فقال ابن سماعة: يا أمير المؤمنين اضرب عنقه، ودمه في رقبتي. قال ابن أبي دؤاد: لا يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنه إن قتل أو مات في دارك قال الناس: صبر حتى قتل، واتخذوه إماما، وثبتوا على ما هم عليه. ولكن أطلقه الساعة، فإن مات خارجا من منزلك شك الناس في أمره.

قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبا زرعة يقول: دعا المعتصم بعم أحمد بن حنبل ثم قال للناس: تعرفونه؟ قالوا: نعم، هو أحمد بن حنبل. قال: فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن؟ قالوا: نعم. ولولا أنه فعل ذلك لكنت أخاف أن يقع شيء لا يقام له، قال: فلما قال: قد سلمته إليكم صحيح البدن. هدأ الناس وسكنوا.

قال صالح: صار أبي إلى المنزل ووجه إليه من السحر من يبصر الضرب والجراحات ويعالج منها. فنظر إليه فقال لنا: والله لقد رأيت من ضرب ألف سوط، ما رأيت ضربا أشد من هذا. لقد جر عليه من خلفه ومن قدامه، ثم أدخل ميلا في بعض تلك الجراحات وقال: لم ينقب. فجعل يأتيه ويعالجه، وكان قد أصاب وجهه غير ضربة؛ ثم مكث يعالجه ما شاء الله. ثم قال: إن هاهنا شيئا أريد أن أقطعه. فجاء بحديدة، فجعل يعلق اللحم بها ويقطعه بسكين، وهو صابر يحمد الله، فبرأ. ولم يزل يتوجع من مواضع منه. وكان أثر الضرب بينا في ظهره إلى أن توفي.

وسمعت أبي يقول: والله لقد أعطيت المجهود من نفسي، ووددت أني أنجو من هذا الأمر كفافا لا علي ولا لي. ودخلت على أبي يوما فقلت له: بلغني

<<  <  ج: ص:  >  >>