البشير، والشيخ أبو محمد عبد الواحد الزواوي، وكان يعرف بطير الجنة، والشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشيخ أبو حفص عمر بن أرناق، والشيخ أبو محمد واسنار الأغماتي، والشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر، فهؤلاء الذين سبقوا وتعرفوا به لأخذ العلم عنه، وكان اجتماعهم به أفذاذا في حال تطوافه في البلاد، فآثرهم واختصهم.
وفي أول سنة أربعٍ وعشرين جهز جيشًا زهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثم دونه عبد المؤمن، بعد أمورٍ وحروب، فساروا إلى مراكش، وحاصروها عشرين يومًا، فأرسل علي بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلماسة، فجمع جيشًا وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستحر يومئذٍ القتل بجيش المصامدة، فقتل أمريهم عبد الله البشير، فالتفوا على عبد المؤمن، ودام القتال إلى الليل، وصلى بهم عبد المؤمن يومئذ صلاة الخوف والحرب قائمة، وتكاثر الملثمون، وتحيز المصامدة إلى بستانٍ هناك ملتف الشجر يعرف بالبحيرة، فلذا قيل وقعة البحيرة، وبلغت قتلاهم ثلاثة عشر ألفًا، وأنهي الخبر إلى المهدي فقال: عبد المؤمن سالم؟ قيل: نعم، قال: ما مات أحد، الأمر قائم، وكان مريضًا، فأوصى باتباع عبد المؤمن، وعقد له من بعده، وسماه أمير المؤمنين، وقال لهم: هذا الذي يفتح الله البلاد على يديه، فلا تشكوا فيه، واعضدوه بأموالكم وأنفسكم، ثم مات في آخر سنة أربعٍ وعشرين.
قال اليسع بن حزم: سمى ابن تومرت أتباع المرابطين مجسمين، وما كان أهل المغرب يدينون إلا بتنزيه الله تعالى عما لا يجب له، وصفته بما يجب له، وترك الخوض فيما تقصر العقول عن فهمه، وكان علماء المغرب يعلمون العامة أن اللازم لهم أن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، إلى أن قال: فكفرهم ابن تومرت بوجهين، بجهل العرض والجوهر، وأن من لا يعرف ذلك لا يعرف المخلوق، ولم يعرف الخالق، الوجه الثاني: إن من لم يهاجر إليه ولم يقاتل المرابطين معه فهو كافر، حلال الدم والحريم، وذكر أن غضبه لله، وإنما قام حسبةً على قومٍ أغرموا الناس ما لا يجب عليهم، وهذا تناقض، لأنه كفرهم، وإن كانوا مسلمين، فأخذ المرابطين منهم النزر اليسير أشبه من قتلهم