عز الدّين ابن عبد السلام، وكان شديد السمرة، جسيما، عالي الهمة، شجاعا، وما بويع أحدٌ بالخلافة بعد ابن أخيه إلا هو، والمقتفي ابن المستظهر، بويع بعد الراشد ابن المسترشد ابن المستظهر، وقد ولي الأمر ثلاثة إخوة: الراضي، والمتقي، والمطيع بنو المقتدر، وولي قبلهم: المكتفي، والمقتدر، والقاهر بنو المعتضد، وولي من قبلهم: المنتصر، والمعتز، والمعتمد بنو المتوكل، ووليها: الأمين، والمأمون، والمعتصم بنو الرشيد، وولي من بني أمية الإخوة الأربعة: الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام بنو عبد الملك بن مروان.
قال: ورتب له السلطان أتابكا، وأستاذ دار، وشرابيا، وخزندارا، وحاجبا، وكاتبا، وعين له خزانة وجملة مماليك، ومائة فرس، وثلاثين بغلا، وعشرة قطارات جمال، إلى أمثال ذلك.
قرأت بخط العلاء الكندي: حدثنا قاضي القضاة جمال الدّين محمد بن سليمان المالكي، قال: حدّثني شيخنا عز الدّين ابن عبد السلام، قال: لما أخذنا في بيعة المستنصر قلت للملك الظاهر: بايعه، فقال: ما أُحسِن، لكن بايعه أنت أولا وأنا بعدك، فلما فرغنا البيعة حضرنا عند السلطان من الغد، فمدح الخليفة وقال: من جملة بركته أنني دخلت أمس الدار فقصدت مسجدا فيها للصلاة، فرأيت فيه مصطبةٌ نافرة، فقلت للغلمان: أخربوا هذه، فلما هدموها انفتح تحتها سربٌ، فنزلوا، فإذا فيه صناديق كثيرة مملوءة ذهب وفضة من ذخائر الملك الكامل، ثم إنه عزم على التوجه إلى العراق.
قلت: وحسّن له السلطان ذلك وأعانه.
قال قطب الدّين: فأقطع إقطاعاتٍ هناك لمن قصده أو وفد عليه.
وسار من مصر هو والسلطان في تاسع عشر رمضان فدخلوا دمشق في سابع ذي القعدة، ثم جهز السلطان الخليفة وأولاد صاحب الموصل، وغرِم عليه وعليهم من الذهب فوق الألف ألف دينار، فسار الخليفة ومعه ملوك الشرق، صاحب الموصل، وصاحب سنجار والجزيرة من دمشق في الحادي والعشرين من ذي القعدة.