وفيها وزر ببغداد أبو طاهر بن بقية، ولقب بالناصح، وكان سمحا كريما، له راتب كل يوم من الثلج ألف رطل، وراتبه من الشمع في الشهر ألف من.
وكان عز الدولة قد استوزر ذاك المدبر أبا الفضل الشيرازي، واسمه العباس بن الحسن صهر الوزير المهلبي، ثم عزله بعد عامين من وزارته بأبي الفرج محمد بن العباس بن فسانجس، ثم عزل أبا الفرج بعد سنة، وأعاد الشيرازي إلى الوزارة، فصادر الناس وأحرق الكرخ كما ذكرنا، وكان أبو طاهر من صغار الكتاب، يكتب على المطبخ لعز الدولة، فآل أمره إلى الوزارة، فقال الناس: من الغضارة إلى الوزارة. وكان كريما جوادا، فغطى كرمه عيوبه، فوزر لعز الدولة أربعة أعوام، ثم قتله عضد الدولة وصلبه.
[سنة ثلاث وستين وثلاثمائة]
فيها تقلد قضاء القضاة أبو الحسن محمد ابن أم شيبان الهاشمي، وعزل ابن معروف بحكومة ابتغى فيها وجه الله، وسأل مع ذلك الإعفاء من القضاء، فخوطب أبو الحسن، فامتنع، فألزم، فأجاب وشرط لنفسه شروطا، منها أنه لا يرتزق على القضاء ولا يخلع عليه ولا يسام ما لا يوجبه حكم، ولا يشفع إليه في إيقاف حق أو فعل ما لا يقتضيه شرع. وقرر لكاتبه في كل شهر ثلاثمائة درهم، ولحاجبه مائة وخمسون درهما، وللعارض على بابه مائة درهم، ولخازن ديوان الحكم والأعوان ستمائة درهم. وركب إلى المطيع لله حتى سلم إليه عهده، فركب من الغد إلى الجامع، فقرئ عهده - تولى إنشاءه أبو منصور أحمد بن عبيد الله الشيرازي صاحب ديوان الرسائل - وهو: هذا ما عهد عبد الله الفضل المطيع لله أمير المؤمنين إلى محمد بن صالح الهاشمي حين دعاه إلى ما يتولاه من القضاء بين أهل مدينة السلام مدينة المنصور، والمدينة الشرقية من الجانب الشرقي، والجانب الغربي، والكوفة، وسقي الفرات، وواسط، وكوخى، وطريق الفرات، ودجلة، وطريق خراسان، وحلوان، وقرميسين، وديار مضر، وديار ربيعة، وديار