منها، وكان ظلوماً غشوماً للجند والرعية، فثاروا عليه، فهرب إلى بانياس، فأخذ إلى مصر، وحبس إلى أن مات. فلما هرب اجتمعت المصامدة، وهم أكثر جند البلد يومئذ، فولوا على البلد زين الدولة انتصار بن يحيى المصمودي. . والمصامدة قبيلة من المغاربة.
وكان أهل الشام في غلاء مفرط وقحط، فوقع الخلف بين المصامدة وأحداث البلد، فعرف آتسز، فجاء من فلسطين ونزل على البلد فحاصره، وعدمت الأقوات، فسلموا إليه البلد. وعوض انتصارا ببانياس ويافا، ودخلها في ذي القعدة، وخطب بها لأمير المؤمنين المقتدي، وقطع خطبة المصريين، وأبطل الأذان بحي على خير العمل، وفرح به الناس، وغلب على أكثر الشام وعظم شأنه، وخافه المصريون، لكن حل بأهل الشام منه قوارع البلاء، حتى أهلك الناس وأفقرهم، وتركهم على برد الديار.
سنة تسع وستين وأربعمائة.
فيها سار آتسز بجيوشه الشامية، وقصد مصر وحاصرها، ولم يبق إلا أن يملكها، فاجتمع أهلها عند ابن الجوهري الواعظ، ودعوا وتضرعوا، فترحل عنهم شبه المنهزم من غير سبب. وعصى عليه أهل القدس فقاتلهم، ودخل البلد عنوة، فقتل وعمل كل نحس، وقتل فيها ثلاثة آلاف نفس، وذبح القاضي والشهود صبراً بين يديه. وقيل: إنه إنما جاء من مصر منهزماً في أنحس حال بعد مصاف كان بينه وبين بدر الجمالي، وهذا أشبه.
وفيها قدم بغداد أبو نصر ابن الأستاذ أبي القاسم القشيري، فوعظ بالنظامية، وبرباط شيخ الشيوخ. وجرى له فتنة كبيرة مع الحنابلة، لأنه تكلم على مذهب الأشعري، وحط عليهم. وكثر أتباعه والمتعصبون له، فهاجت أحداث السنة، وقصدوا نحو النظامية، وقتلوا جماعة نعوذ بالله من الفتن.
وفيها قال هبة الله ابن الأكفاني: كان كسرة آتسز بن أوق بمصر، ثم