٥٧٣ - محمد بن بدر. القاضي أبو بكر، مولى يحيى بن حكيم، الكناني، المصري، الفقيه الحنفي.
كان أبوه رومياً صيرفياً موسراً، خلف لمحمد مائة ألف دينار سوى الأملاك، ولمحمد يومئذ عشرون سنة. فكتب الحديث والفقه، ولازم الطحاوي، وتعلم الفروسية ولزم الرباط. وسمع من: علي بن عبد العزيز البغوي، وأبي الزنباع روح بن الفرج، وأبي يزيد القراطيسي.
وكان من محبته للقضاء قد جلس قاضياً في بستان وعدل جماعة، ووقف عن قوم على سبيل النزهة، وخدم القضاة مدة. ثم رام الشهادة أيام الكريزي إبراهيم بن محمد، وأيام أبي عثمان، فتعذرت عليه. وكانت له تجارة ببغداد، فكتب إلى من يثق به يسعى له في القضاء في سنة ست عشرة وثلاثمائة. فعلم بذلك أبو عثمان، فكتب إلى أخيه يستنجد به، وكتب محضراً يتضمن القدح في محمد بن بدر، فكتب فيه كبار وأئمة، وفيه أنهم لا يعلمون أباه خرج من الرق إلى أن مات. وأطلق في محمد بن بدر كل قول، وأسجله أبو عثمان أحمد بن إبراهيم عليه وحكم بفسقه. واستتر حينئذٍ محمد بن بدر. فقام معه القاضي أبو هاشم المقدسي، وأخذه ليلاً إلى تكين أمير مصر، وحدثه بأمره، فطلب المحاضر والسجلات، فستر بعضها. وكان تكين سيئ الرأي في أبي عثمان.
ثم تمشت حال ابن بدر، وولي القضاء ابن زبر، فداخله وعدله عنده الفقيه أبو بكر ابن الحداد. وبذل جملة من الذهب. وكان ذا هيئة جميلة وتجمل وافر وغلمان.
ولما قدم ابن قتيبة على القضاء قام ابن بدر بأمره، وفرش له الدار التي يسكنها، فكتب ابن قتيبة إلى محمد بن الحسن بن أبي الشوارب يشكره. وكان ابن قتيبة حاكماً من قبل محمد، ومحمد مقلد من جهة الخليفة الراضي بالله.
ثم إن ابن أبي الشوارب هذا كتب بالعهد على قضاء مصر إلى محمد بن بدر، فجاء العهد وأمر مصر إلى وزيرها محمد بن علي المادرائي، وأميرها أحمد بن كيغلغ، وأحمد من تحت أمر المادرائي ونهيه. فامتنع