من جهة مسجد الصّفي، يعني الّذي عند مخازن الفاكهة. توفّي في رجب.
٢٠٠ - محمد، أمير المؤمنين الظاهر بأمر الله أبو نصر ابن أمير المؤمنين النّاصر لدين الله أحمد ابن المستضيء بأمر الله الحسن بن يوسف الهاشميّ العباسيّ البغداديّ.
ولد سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وبايع له أبوه بولاية العهد في سنة خمس وثمانين، وخطب له على المنابر، ونثر عند ذكره الدّنانير وعليها اسمه. ولم يزل الأمر على ذلك حتى قطع ذلك أبوه في سنة إحدى وستمائة وخلعه وأكرهه، وزوى الأمر عنه إلى ولده الآخر. فلمّا مات ذلك الولد، اضطرّ أبوه إلى إعادته، فبايع له وخطب له في شوّال سنة ثمان عشرة. واستخلف عند موت والده، فكانت خلافته تسعة أشهر ونصفاً. وقد روى عن والده بالإجازة قبل أن يستخلف.
قال ابن النّجّار: تقدّم أبوه بجلوسه بالتّاج الشريف في كلّ جمعة، ويقعد في خدمته أستاذ الدّار، ليقرأ عليه مسند أحمد بن حنبل بإجازته من والده. ثمّ قال: أخبرنا أبو صالح الجيليّ، قال: أخبرنا الظّاهر بأمر الله أبو نصر بقراءتي، قال: أنبأنا أبي، قال: أنبأنا عبد المغيث بن زهير وغيره، قالوا: أخبرنا ابن الحصين، فذكر حديثاً بهذا السّند النّازل - كما ترى -.
قال ابن الأثير في كامله: ولمّا ولي الظّاهر أظهر من العدل والإحسان ما أعاد به سنّة العمرين؛ فإنّه لو قيل: ما ولي الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز مثله لكان القائل صادقاً، فإنّه أعاد من الأموال المغصوبة، والأملاك الموخوذة في أيام أبيه وقبلها شيئاً كثيراً، وأطلق المكوس في البلاد جميعها، وأمر بإعادة الخراج القديم في جميع العراق، وبإسقاط جميع ما جدّده أبوه، وكان ذلك كثيراً لا يحصى؛ فمن ذلك: بعقوبا، كان يحصل منها قديماً عشرة آلاف دينار، فلمّا استخلف النّاصر كان يؤخذ منها في السنة ثمانون ألف دينار،