للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فينا رجلا يفعل كذا وكذا. فأرسل إليه فأبى أن يأتيه؛ ثلاث مرات، ثم إنه جاءه بنفسه يسير على دابته، فلما رآه فر واتبعه فسبقه، فقال: أنظرني أكلمك. قال: فقام حتى كلمه، فأخبره خبره، فلما أخبره خبره، وأنه كان ملكا، وأنه فر من رهبة الله ربه عز وجل، قال: إني لا أظن أني لاحق بك. قال: فلحقه، فعبد الله حتى ماتا برملة مصر. قال عبد الله: لو كنت ثم لاهتديت إلى قبريهما من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي وصف».

قال ابن السمعاني: أبو محمد عبد القادر من أهل جيلان، إمام الحنابلة وشيخهم في عصره، فقيه صالح دين خير، كثير الذكر دائم الفكر، سريع الدمعة. تفقه على المخرمي، وصحب الشيخ حمادا الدباس.

قال: وكان يسكن باب الأزج في المدرسة التي بنوا له، مضيت يوما لأودع رفيقا لي، فلما انصرفنا قال لي بعض من كان معي: ترغب في زيارة عبد القادر والتبرك به؟ فمضينا ودخلت مدرسته، وكانت بكرة، فخرج وقعد بين أصحابه، وختموا القرآن، فلما فرغنا أردت أن أقوم، فأجلسني وقال: حتى نفرغ من الدرس. فألقى درسا على أصحابه ما فهمت منه شيئا، وأعجب من هذا أن أصحابه قاموا وأعادوا ما درس لهم، فلعلهم فهموا لإلفهم بكلامه وعبارته.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي: كان أبو سعد المخرمي قد بنى مدرسة لطيفة بباب الأزج، ففوضت إلى عبد القادر، فتكلم على الناس بلسان الوعظ، وظهر له صيت بالزهد، وكان له سمت وصمت، وضاقت المدرسة بالناس. وكان يجلس عند سور بغداد مستندا إلى الرباط، ويتوب عنده في المجلس خلق كثير، فعمرت المدرسة ووسعت. وتعصب في ذلك العوام، وأقام فيها يدرس ويعظ إلى أن توفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>