تحدث بأمري في الإفك واستفيض فيه وما أشعر. وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أناس من أصحابه، فسألوا جارية لي سوداء كانت تخدمني فقالوا: أخبرينا ما علمك بعائشة؟ فقالت: والله ما أعلم منها شيئا أعيب من أنها ترقد ضحى حتى إن الداجن داجن أهل البيت تأكل خميرها. فأداروها وسألوها حتى فطنت، فقالت: سبحان الله، والذي نفسي بيده ما أعلم على عائشة إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الأحمر. قالت: فكان هذا وما شعرت.
ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فأشيروا علي في أناس أبنوا أهلي، وايم الله إن علمت على أهلي من سوء قط، وأبنوهم بمن، والله إن علمت عليه سوءا قط، ولا دخل على أهلي إلا وأنا شاهد، ولا غبت في سفر إلا غاب معي. فقال سعد بن معاذ: أرى يا رسول الله أن تضرب أعناقهم. فقال رجل من الخزرج - وكانت أم حسان من رهطه، وكان حسان من رهطه -: والله ما صدقت، ولو كان من الأوس ما أشرت بهذا. فكاد يكون بين الأوس والخزرج شر في المسجد، ولا علمت بشيء منه، ولا ذكره لي ذاكر. حتى أمسيت من ذلك اليوم فخرجت في نسوة لحاجتنا، وخرجت معنا أم مسطح - بنت خالة أبي بكر - فإنا لنمشي ونحن عامدون لحاجتنا، عثرت أم مسطح فقالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم، أتسبين ابنك؟ فلم تراجعني. فعادت ثم عثرت فقالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم أتسبين ابنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلم تراجعني. ثم عثرت ثالثة فقالت: تعس مسطح. فقلت: أي أم، أتسبين ابنك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: والله ما أسبه إلا من أجلك وفيك. فقلت: وفي أي شأني؟ قالت: وما علمت بما كان؟ فقلت: لا، وما الذي كان؟ قالت: أشهد أنك مبرأة مما قيل فيك. ثم بقرت لي الحديث، فلأكر راجعة إلى البيت ما أجد مما خرجت له قليلا ولا كثيرا. وركبتني الحمى فحممت. فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألني عن شأني، فقلت: أجدني موعوكة، ائذن لي أذهب إلى أبوي. فأذن لي، وأرسل معي