وقال أبو عبد الله محمد بن الحسين الآمدي نائب الحُكْم بالإسكندرية: دخلتُ على الأمير ابن ظَفَر أيام ولايته الثَّغر فوجدت خنصره وارماً من خاتم، فقلت: المصلحة قطع الخاتم، فقال: مَنْ يصلح لذلك؟ فطلبت له ظافراً الحدَّاد، فقطع الحلقة وقال:
قصَّر عن أوصافك العالمُ وكَثُرَ النَّاثر والنَّاظم من يكن البحرُ له راحةً يضيق عن خِنْصره الخاتم فأعجب الأمير ووهبَه الحلقة، وكانت من ذهبٍ، وكان بين يديه غزال قد ربض إليه، فقال بديهاً:
عجبت لجرأة هذا الغزال وأمرٍِ تخطَّى له واعتمد وأعجب به إذ بدا جاثما وكيف اطمأنَّ وأنت الأسد
٣٠١ - عبدُ الغافر بن إسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر، الحافظ أبو الحسن الفارسيُّ ثم النَّيسابوريُّ.
مصنِّف السِّياق لتاريخ نيسابور، ومصنِّف كتاب مجمع الغرائب في غريب الحديث، ومصنِّف كتاب المفهم لشرح مسلم.
كان إماماً حافظاً محدِّثاً، لغويًّا، أديباً كاملاً، فصيحاً مفوًّها، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، وسمع من جدِّه لأمِّه أبي القاسم القُشَيْري، وأحمد بن منصور المغربي، وأحمد بن عبد الرحيم بن أحمد الإسماعيلي، وأحمد بن الحسن الأزهري، وأبي القاسم الفضل بن المُحِبِّ، وأبي نَصْر عبد الرحمن بن عليّ التَّاجر، وأبي الفضل محمد بن عُبَيْد الله الصَّرَّام، وعبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري، وأبي بكر بن خلف، وجدَّته فاطمة بنت الدَّقاق. وخلق كثير، وأجاز له المقرئ أبو بكر محمد بن الحسن بن علي الطَّبري النَّيسابوري، وأبو سَعد محمد بن عبد الرَّحمن الكَنْجَروذي، وأبو محمد الجَوهري مسند بغداد، وآخرون. وتفقه بإمام الحرمين، ولزمه مدَّة أربع سنين؟ ورحل إلى خُوارزم، وإلى غزنة، والهند، ولقي العلماء، ثم رجع إلى نيسابور، وولي خطابتها، وعاش ثمانياً وسبعين سنة.