للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذهب النُّصيرية، وكان حسن العشرة، كريم الأخلاق، له حرمة ووجاهة. وخدم في عدة جهات بدمشق.

قلت: خدم في جهات المكس وغيرها. وسمع وحدّث بشيء من صحيح مسلم عن ابن الصلاح والسخاوي وجماعة، كتب عنه بعض الطلبة. وكان يتُهم بالخمر والفسق والقيادة. وحاصل الأمر أنه كان من غلاة الاتحادية القائلين بوحدة الوجود، وأن عين الموجودات هي الله، تعالى الله عن قولهم عُلوًّا كبيراً. وله في ذلك أشعار ورموز وتغزُّلات.

وذكره شمس الدين الجزري في تاريخه وما كأنه عرف حقيقة أمره، ونقل شيئاً مستحيلاً عنه فقال: عمل في الروم أربعين خلوة، كل خلوة أربعين يوماً، يخرج من واحدة ويدخل في أخرى.

قلت: وهذا الكلام فيه مجازفة ظاهرة، فإن مجموع ذلك ألف وستمائة يوم ولا أدري عمن نقل شمس الدين هذا.

ثم قال: وله في كل علم تصنيف، وقد شرح الأسماء الحسنى وشرح مقامات النّفري.

قال: وحكى بعضهم قال: طلعت إليه يوم قُبض فقلت: كيف حالك؟ فقال: بخير، من عرف الله كيف يخاف؟ والله مذ عرفته ما خفته بل رجوته وأنا فرحان بلقائه.

وحكى تلميذه البرهان إبراهيم ابن الفاشوشة قال: رأيت ابنه في مكانٍ بين ركبدارية وذا يكبس رجليه وذا يبوسه، فتألمت لذلك وانقبضت ودخلت إلى الشيخ وأنا كذلك، فقال: ما لك؟ فأخبرته بالحال الذي وجدت عليه ابنه محمداً، فقال: أفرأيته في تلك الحال منقبضاً أو حزيناً؟ قلت: سبحان الله كيف يكون هذا؟ بل كان أسرّ ما يكون، فهوَّن الشيخ علي وقال: فلا تحزن أنت إذا كان هو مسروراً.

فقلت: يا سيدي فرجّت عني. وعرفتُ قدر الشيخ وسعته وفتح لي باباً كنت عنه محجوباً.

قلت: هذا هو الشيخ الذي لا يستحي الله من عذابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>