وقال ابن الدبيثي: كان يتكلم على الناس كل جمعة من غير تكلف ولا روية والناس يكتبون.
وقال أبو أحمد ابن سكينة الأمين: سمعت أبا عبد الله الفارقي يقول: المحبة نار، زنادها جمال المحبوب، وكبريتها الكمد، وخزانها حرق القلوب، ووقودها الفؤاد والكبد.
قال: وسمعته يقول: المحب بسطوة سلطان الجمال مغلوب، وبحسام الحسن مضروب، مأخوذ عنه، مسلوب. نجم رغبته غارب عن كل مرغوب، طالع في أفق العيوب، مصباح حبه يتوهج في رجاجة وجده بنار الوله بالمحبوب، شهاب شوقه وكمده في قلبه وكبده ساطع الألهوب.
وقال يحيى بن القاسم التكريتي: سمعت الشيخ محمدا الفارقي يقول: الدني الهمة عبد شهوته مستخدم في اصطبل طبعه يخدم كودن كبره، وأتان تيهه، وحمار حرصه، جواد همه مقيد بقيود دنائه. قد وضع على قدميه شبحة شحه فمنعت من الجري في حلبة المكارم، وجعل على ظهره جل الذل منسوجًا من الصفات الذمائم.
ثم قال يحيى: حكى لي أبو الفتح مسعود بن محمد البدري قال: دخل يوسف بن محمد بن مقلد الدمشقي على الشيخ محمد الفارقي ومعه فقراء، فلما ظهر الفقراء إلى الشيخ لحقهم وجد، فصاحوا، فرفع رأسه وقال: لا تخبزوا فطيرًا، فإن الفطير يوجع الفؤاد.
وقال ابن النجار: قرأت على يوسف بن جبريل بالقاهرة، عن القاضي أبي البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا الإمام الزاهد العارف أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي بقراءتي، ولم أر ببغداد من يدانيه في فضله ويضاهيه، وهو المتكلم بالعراق، قال: حدثنا شيخنا أبو البقاء المبارك ابن الخل، فذكر حديثًا.
قلت: ابن الخل هو والد الفقيه أبي الحسن، وصوفي زاهد، ذكرناه في سنة عشرين وخمسمائة.