كان مجاهرا بالظلم والفسق، بنى ببغداد دارا فظلم الناس، وأخرب محلة التوثة، ونقل آلتها إليها، فاستغاث أهلها، فحبسهم وغرمهم، وهو الذي أعاد المكوس بعد أربع عشرة سنة، وكان يقول: لقد سننت السنن الجائرة، وفرشت حصيرا لي في جهنم، وقد استحييت من كثرة الظلم، قال هذا في الليلة التي قتل في صبيحتها، ركب في موكب عظيم وحوله السيوف المسللة، فمر بمضيق، فظهر رجل من دكة فضربه، فجاءت في البغلة، فهرب، فتبعه الأعوان والغلمان، وبقي منفردًا، فوثب عليه آخر فضربه في خاصرته، وجذبه رماه، ثم ضربه عدة جراحات ثم ذبحه، وقتل ذلك الرجل فوق الوزير، وقتل اثنان من أصحاب الوزير، وقتل ثلاثة كانوا مع قاتله يقاتلون الغلمان فقتلوا، وذلك في سلخ صفر.
وكان جوادا ممَدَّحًا عالي الهمة، ذا رأي ودهاء وخبرة. قال سِبْط الجوزي: مدحه ألف شاعر، وكان يجيزهم جوائز كثيرة. وثب عليه ثلاثة وهو راكب بالسيوف المسللة والأسلحة والحُجَّاب، فجذبوه من البغلة إلى الأرض، وانهزم أصحابه، وبرك على صدره شيخ من الثلاثة، وقال: الله أكبر، أنا مسلم موحِّد، وهذا ظالم كافر، والوزير يصيح: أنا مسلم، ورجع أصحاب الوزير فضربوا الشيخ بسيوفهم وهو على صدر الوزير، وذبح هو الوزير كما تُذْبح الشاة. وخلَّف أموالاً ونعمة كبيرة. وقُتِلَ في سلخ صفر، ووزر أربع سنين وقيل: قتله غلمان الطُّغرائي لأنه أشار بقتله.
٢٣٥ - عليّ بن أحمد بن محمد الإمام، أبو الحسن النَّيسابوريُّ الغزَّال المقرئ المُجَوِّد، من وجوه أئمة خراسان.
ذكره أبو سعد السَّمْعَاني فيمن أجاز له، وقال: كان عارفاً بوجوه القراءات وبالعربية له تصانيف مفيدة في القراءات والنَّحو، لازم أستاذه أبا نصر محمد بن محمد بن هميماه الرَّامشي المقرئ حتى تخرَّج به، وزاد عليه في الفقه والورع، وقصر اليد عن الدُّنيا، ولزوم العبادة والتَّألُّه، كان منقطع القرين.