وقال الأعمش: كتب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان - يعني: لما آذاه الحجاج -: إني خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، والله لو أن النصارى أدركوا رجلا خدم نبيهم لأكرموه.
وقال جعفر بن سليمان: حدثنا علي بن زيد، قال: كنت بالقصر، والحجاج يعرض الناس ليالي ابن الأشعث، فجاء أنس بن مالك، فقال: يا خبيث جوالٌ في الفتن، مرة مع علي، ومرة مع ابن الزبير، ومرة مع ابن الأشعث، أما والذي نفسي بيده لأستأصلنك كما تستأصل الصمغة، ولأجردنك كما يجرد الضب. قال: يقول: أنس: من يعني الأمير؟ قال: إياك أعني، أصم الله سمعك، فاسترجع أنس، وشغل الحجاج، وخرج أنسٌ، فتبعناه إلى الرحبة، فقال: لولا أني ذكرت ولدي وخشيته عليهم بعدي لكلمته بكلامٍ لا يستحييني بعده أبدا.
وقال عبد الله بن سالم الأشعري، عن أزهر بن عبد الله، قال: كنت في الخيل الذين بيتوا أنس بن مالك، وكان فيمن يؤلب على الحجاج، وكان مع عبد الرحمن بن الأشعث، فأتوا به الحجاج، فوسم في يده: عتيق الحجاج.
وقال الأعمش: كتب أنس إلى عبد الملك: قد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين، وإن الحجاج يعرض بي حوكة البصرة، فقال: يا غلام، اكتب إليه: ويلك قد خشيت أن لا يصلح على يدي أحدٌ، فإذا جاءك كتابي هذا، فقم إلى أنس حتى تعتذر إليه، قال الرسول: فلما جئته قرأ الكتاب، ثم قال: أمير المؤمنين كتب بما هنا؟ قلت: إي والله، وما كان في وجهه أشد من هذا، قال: سمعٌ وطاعة، فأراد أن ينهض إليه، فقلت: إن شئت أعلمته، فأتيت أنسا، فقلت: ألا ترى قد خافك، وأراد أن يقوم إليك، فقم إليه، فأقبل يمشي حتى دنا منه، فقال: يا أبا حمزة غضبت؟ قال: أغضب؟ تعرضني بحوكة البصرة؟ قال: إنما مثلي ومثلك كقول الذي قال: إياك أعني واسمعي يا جارة، أردت أن لا يكون لأحدٍ علي منطق.
وقال عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، قال: رأيت أنس بن مالك