جمادى الآخرة في قلعة القاهرة، قتله سبعة أنفس على غرة منه، لأنه كان منكبًا على اللعب بالشطرنج، وما عنده إلا أنا وعبد الله الأمير وبريد البدوي، وإمامه مجير الدين ابن العسال، ولما نظرت رأيت ستة سبعة سيوف تنزل عليه.
قلت: بلغني أن الذي ضربه أولاً على كتفه بالسيف الأمير سيف الدين كرجي مقدم البرجية، ثم أسرع كرجي وطغجي في الحال إلى دار منكوتمر، فدقوا عليه الباب وقالوا: السلطان يطلبك، فنكرهم وخاف وقال: قتلتموه؟ قال كرجي: نعم يا مأبون، وجئنا نقتلك، فاستجار بطغجي، فأجاره وحلف له، فخرج فذهبوا به إلى الجب فأنزلوه، فقيل: إن عز الدين الحموي والأعسر وغيرهما شتموه في الجب لأنه كان سبب حبسهم، ثم مضى طغجي إلى داره، فاغتنم كرجي غيبته، وجاء في جماعة، فأخرجوا منكوتمر بصورة أنهم يقيدونه، فذبحوه ونهبوا داره، واتفقوا في الحال على أن يعيدوا إلى السلطنة المولى الملك الناصر، وأن يكون سيف الدين طغجي نائبه، وحلفوا له على ذلك، ثم أصبحوا يحلفون الأمراء، وأرسلوا سلار وهو يومئذ أمير صغير لإحضار الملك الناصر من الكرك، ثم عمل طغجي نيابة السلطنة من الغد، وركب في الموكب، ومد السماط كأنهم ما عملوا شيئًا.
ووصل الأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح من غزوته من الشام، فبلغه الأمر ببلبيس، فانزعج لذلك وساق إليه جماعة أمراء وعرفوه أن الذي جرى لم يكن بأمرهم، فاتفقوا على قتل طغجي وكرجي، فقتلا يوم الثلاثاء الآتي، وذلك أن أمير سلاح لما دخل خرج لتلقيه طغجي وسلم عليه، وتكارشا، ثم قال أمير سلاح: كان لنا عادة من السلطان إذا قدمنا يتلقانا، وما أعلم ذنبي، فقال: ما عرفت ما جرى؟ قتل السلطان، قال: من الذي قتله؟ فقال أمير: قتله كرجي وطغجي، فأظهر الإنكار وقال: كلما قام للإسلام ملك تقتلونه؟! تأخر عني، ثم ساق عنه فأحس طغجي بالأمر وخاف، وهمز فرسه وساق، فانقض عليه أمير فمسكه بدبوقته وقتله هو وأمير آخر، وقتل مع طغجي ثلاثة، ثم ساق الموكب إلى تحت القلعة، وكان كرجي بها يحفظها،