قلت: هي أكبر مدائن الأندلس وما زالت دار إسلام من زمن الوليد بن عبد الملك إلى أن استولت النصارى الآن عليها بالأمان.
[سنة أربع وثلاثين وستمائة]
في المحرم قصد جماعةٌ عيادة مريضٍ ببغداد، فطلعوا وجلسوا عنده على مشرقةٍ، فانخسفت بهم، فماتوا جميعا سوى المريض، وكانوا سبعة.
وفيها صرع الطير الأمير ركن الدين إسماعيل ابن صاحب الموصل، فادعي لشرف الدين إقبال الشرابي، وبعث بالطير إلى بغداد، فقبله، وعلق ببغداد، ونثر عليه ألف دينار فالتقطها رماة البندق.
ولم يحج أحد هذا العام من العراق.
وجرى على ركب الشام نكبةٌ شديدةٌ من العطش قبل ثجر وهي على درب خيبر.
وفيها وقع الصلح بأمر الخليفة بين الكامل وبين صاحب الروم في شهر المحرم.
وفيها جاء بدمشق سيل عرم قدر قامةٍ وبسطة، خرب الخانات، والدور التي بالعقيبة من شمالي باب الفرج، وذهب للناس شيءٌ كثيرٌ.
وفيها مات صاحب حلب الملك العزيز، وصاحب الروم علاء الدين.
وفيها كان عرس مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير على بنت بدر الدين صاحب الموصل. وكان عرسا ما شهد مثله. وخلع عليه الخليفة، وأعطاه، ونوه باسمه، ومشى في ركابه الأمراء، ووراءه ألوية الملك. وأعطي أنواعا كثيرة وتحفا، واستمر دخوله إلى دار الخلافة في كل يوم.
وفيها نزل التتار على إربل وحاصروها، ونقبوا السور وأخذوها عنوة، وقتلوا وسبوا، وجافت إربل بالقتلى. وكان باتكين نائب البلد بالقلعة فقاتلهم. ثم إن التتار نقبوا القلعة، وجعلوا تحتها سربا وطرقا، وقلت المياه على أهل القلعة، ومات بعضهم من العطش، ولم يبق إلا أخذ القلعة، ثم لطف الله بمن بقي بالقلعة، ورحلت التتار بمكاسب لا تحصى.