فيها: ظهرت الدَّيْلم، وذلك لأنّ أصحاب مرداويج دخلوا أصبهان، وكان من قُوّاده علي بن بُوَيه. فاقتطع مالاً جليلاً وانفرد عن مخدومه. ثم التقى هو ومحمد بن ياقوت، فهزم محمداً واستولى على فارس.
وكان بُوَيه فقيراً صُعْلُوكاً يَصِيد السّمك، رأى كأنّه بالَ، فخرج من ذَكَره عمود نار. ثمّ تشعَّب العمود حتّى ملأ الدّنيا. فقّص رؤياه على معبّر، فقال: لا أعبرها إلاّ بألف درهم. فقال: والله ما رأيتُ عُشْرها، وإنما أنا صيّاد. ثمّ مضى وصادَ سمكة فأعطاه إيّاها، فقال له: ألكَ أولاد؟ قال: نعم. قال: أبشِرْ فإنهم يملكون الدّنيا، ويبلغ سلطانهم على قدر ما احتوت النّار الّتي رأيتَها. وكان معه أولاده علي، والحسن، وأحمد.
ثمّ مَضَتْ السُّنُون، وخرج بولده إلى خُراسان، فخدموا مرداويج بن زيار الدَّيْلَمِي، إلى أن صار علي قائداً، فأرسله يستخرج له مالاً من الكُرْجِ، فاستخرج خمسمائة ألف درهم، فأخذ المال وأتى همذان ليملكها، فغلّق أهلها في وجهه الأبواب، فقاتلهم وفتحها عَنْوةً وقتل خلقاً. ثم صار إلى أصبهان وبها المظفّر بن ياقوت، فلم يحاربه وسارَ إلى أبيه بشيراز. ثمّ صار إلى أَرَّجان، فأخذ الأموال، وتنقّل في النّواحي، وانضم إليه خلْق، وصارت خزائنه خمسمائة ألف دينار. فجاء إلى شيراز وبها ابن ياقوت، فخرج إليه في بضع عشر ألفاً، وكان علي بن بُوَيه في ألف رجل، فهابهُ علي وسأله أن يُفْرِج له عن الطّريق لينصرف، فأبى عليه، فالتقوا فانكسر عليّ، ثمّ انهزم ابن ياقوت، ودخل علي شيراز.
ثمّ إنه قلّ ما عنده فنام على ظهره، فخرجت حيّة من سقف المجلس، فأمر بنقْضه، فخرجت صناديق ملأى ذَهَباً، فأنفقها في جُنْده. وأضاق مرّةً فطلب خيّاطاً يخيط له، وكان أَطْروشاً، فظنّ أنّه قد سُعي به، فقال: والله ما عندي سوى اثني عشر صندوقاً، لا أعلم ما فيها. فأمرَ علي بإحضارها، فوجد فيها مالاً عظيماً فأخذه. وركب يوماً، فَسَاختْ قوائم فرسه، فحفروه