عبد الله بن مروان، فسجنه المهدي، ثم احتيل على عبد الله فادعى عمرو بن سهل الأشعري أن عبد الله قتل أباه، وقدمه إلى مجلس عافية القاضي، فتوجه عليه الحكم، وأن يقاد به وقامت البينة، فجاء عبد العزيز العقيلي فتخطى رقاب الناس، فقال: يزعم هذا أنه قتل أباه كذب والله، ما قتل أباه غيري، أنا قتلته بأمر الخليفة مروان.
فلم يتعرض المهدي لعبد العزيز لكونه قتل المذكور بأمر مروان.
وفيها جاشت الروم - لعنهم الله - فبيتوا عسكر المسلمين وقتلوا خلقا.
وفيها أمر المهدي بعمارة طريق مكة، وبنى بها قصورا، وأوسع من القصور التي أنشأها عمه السفاح، وعمل البرك، وجدد الأميال، ودام العمل في ذلك حتى تم عشر سنين، وأمر بترك المقاصير التي في جوامع الإسلام، وقصر المنابر، وصيرها على مقدار منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيها انحطت رتبة الوزير أبي عبيد الله، فإنه لما رأى غلبة الموالي على المهدي نظر إلى أربعة من أهل العلم فصيرهم من جلساء المهدي، ثم إن أبا عبيد الله الوزير كلم المهدي في أمر فعرض له رجل من هؤلاء الأربعة في ذلك الأمر، فسكت الوزير، ثم خرج فأمر بإبعاده عن المهدي.
وكان أبو عبيد الله ذا تيه وكبر بحيث إنه لما قدم الربيع الحاجب من الحج جاءه مسلما، فلم ينهض أبو عبيد الله له، فتألم، ولم يزل يعمل عليه، إلا أن أبا عبيد الله كان حاذقا بالتصرف، كافيا ناصحا لمخدومه، عفيفا، ويرمى بالقدر.
ثم إن الربيع سعى في ابن للوزير، واتهمه ببعض حظايا المهدي إلى أن استحكمت التهمة عند المهدي، فقال له: يا محمد، اقرأ، فذهب ليقرأ، فاستعجم عليه القرآن، فقال لأبي عبيد الله: يا معاوية ألم تزعم أنه قد جمع القرآن؟ قال: بلى، ولكنه نسي.