نور الدين محمود. وهو أصغر من أخيه السلطان صلاح الدين بسنتين. وقيل: مولده سنة ثمان وثلاثين. وقيل: ولد في أول سنة أربعين.
قال أبو شامة: توفي الملك العادل، سيف الدين أبو بكر محمد بن أيوب، وهو بكنيته أشهر، وولده ببعلبك، وعاش ستاً وسبعين سنة. ونشأ في خدمته نور الدين مع أبيه، وإخوته. وحضر مع أخيه صلاح الدين فتوحاته. وقام أحسن قيام في الهدنة مع الإنكليز ملك الفرنج بعد أخذهم عكا. وكان صلاح الدين يعول عليه كثيراً، واستنابه بمصر مدة، ثم أعطاه حلب، ثم أخذها منه لولده الظاهر، وأعطاه الكرك عوضها، ثم حران.
وقال غيره: كان أقعد الملوك بالملك، وملك من بلاد الكرج إلى قريب همذان، والشام، والجزيرة، ومصر، والحجاز، واليمن، إلى حضرموت. وقد أبطل كثيراً من الظلم والمكوس.
وقال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: امتدَّ ملكه من الكرج إلى همذان، والجزيرة، والشام ومصر، واليمن. وكان خليقاً بالملك، حسن التدبير، حليماً، صَفوحاً، مجاهدا عفيفاً، ديّناً، متصدقاً، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر طهَّر جميع ولايته من الخمور والخواطئ والمُكوس والمظالم. كذا قال أبو المظفّر والعهدة في هذه المجازفة عليه.
قال: وكان الحاصل من جهة ذلك بدمشق خصوصاً مائة ألف دينار، فأبطل الجميع لله، وأعانه على ذلك وإليه المعتمِد. وفعل في غلاء مصر عُقيب موت العزيز ما لم يفعله غيره. كان يخرج بالليل ومعه الأموال فيفرّقها، ولولاه لمات الناس كلهم. وكفى في تلك السنة ثلاثمائة ألف نفس من الغرباء.
قلت: هذا خسف من لا يتّقي الله فيما يقوله!.
قال ابن خلِّكان: ولما ملك صلاح الدين حلب في صفر سنة تسع وسبعين، أعطاها للعادل، فانتقل إليها في رمضان، ثم نزل عنها في سنة اثنتين