الله الخلود لأحدٍ من خلقه إلا لأهونهم عليه إبليس، وقد قال العبد الصالح سليمان:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فكان ذلك، ثم اضمحل فكأن لم يكن، يا أيها الرجل، وكلكم ذلك الرجل، كأني بكل حي ميت، وبكل رطب يابس، وبكل امرئٍ في ثياب طهور إلى بيت حفرته، فخد له في الأرض خمسة أذرع طولا في ذراعين عرضا، فأكلت الأرض من لحمه، ومصت من صديده ودمه.
وقال محمد بن المنكدر: كان عمر بن عبد العزيز يبغض الحجاج، فنفس عليه بكلمة قالها عند الموت: اللهم اغفر لي فإنهم يزعمون أنك لا تفعل.
وقال إبراهيم بن هشام الغساني، عن أبيه، عن جده، أن عمر بن عبد العزيز، قال: ما حسدت الحجاج عدو الله على شيءٍ حسدي إياه على حبه القرآن وإعطائه أهله، وقوله حين احتضر: اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل.
وقال الأصمعي: قال الحجاج لما احتضر:
يا رب قد حلف الأعداء واجتهدوا بأنني رجل من ساكني النار أيحلفون على عمياء ويحهم ما علمهم بكثير العفو ستار
فأخبر الحسن فقال: إن نجا فبهما.
وقال عثمان بن عمرو المخزومي: حدثنا علي بن زيد، قال: كنت عند الحسن، فأخبر بموت الحجاج، فسجد.
وقال حماد بن أبي سليمان: قلت لإبراهيم النخعي: مات الحجاج، فبكى من الفرح.
قال أبو نعيم، وجماعة: توفي ليلة سبعٍ وعشرين في رمضان سنة خمسٍ وتسعين.
قلت: عاش خمسا وخمسين سنة.
قال ابن شوذب، عن أشعث الحداني قال: رأيت الحجاج في منامي بحالٍ سيئة، قلت: ما فعل بك ربك؟ قال: ما قتلت أحدا قتلة، إلا قتلني بها، قلت: ثم مه. قال: ثم أمر بي إلى النار، قلت: ثم مه. قال: ثم أرجو ما يرجو أهل لا إله إلا الله، فكان ابن سيرين يقول: إني لأرجو له، فبلغ