لإقراء العربية وصرف همته إلى إتقان لسان العرب حتى بلغ فيه الغاية، وحاز قصب السبق، وأربى على المتقدمين.
وكان إماما في القراءات وعللها؛ صنف فيها قصيدة دالية مرموزة في مقدار الشاطبية، وأما اللغة فكان إليه المنتهى في الإكثار من نقل غريبها والاطلاع على وحشيها، وأما النحو والتصريف فكان فيه بحرا لا يجارى وحبرا لا يبارى، وأما أشعار العرب التي يستشهد بها على اللغة والنحو فكانت الأئمة الأعلام يتحيرون فيه ويتعجبون من أين يأتي بها، وكان نظم الشعر سهلا عليه، رجزه وطويله وبسيطه وغير ذلك، هذا مع ما هو عليه من الدين المتين وصدق اللهجة وكثرة النوافل، وحسن السمت، ورقة القلب وكمال العقل والوقار والتؤدة.
أقام بدمشق مدة يصنف ويشغل. وتصدر بالتربة العادلية وبالجامع المعمور وتخرج به جماعة كثيرة.
وصنف كتاب تسهيل الفوائد في النحو وكتاب سبك المنظوم وفك المختوم، وكتاب الشافية الكافية، وكتاب الخلاصة وشرحها، وكتاب إكمال الإعلام بتثليث الكلام، والمقصور والممدود، وفعل وأفعل، والنظم الأوجز فيما يهمز، والاعتقاد في الطاء والضاد وتصانيف أخر مشهورة لا يحضرني ذكرها.
روى عنه ولده الإمام بدر الدين محمد، والإمام شمس الدين ابن جعوان، والإمام شمس الدين ابن أبي الفتح، وعلاء الدين ابن العطار، وزين الدين أبو بكر المزي، وشيخنا أبو الحسين اليونيني، وأبو عبد الله الصيرفي، وقاضي القضاة ابن جماعة وطائفة سواهم.
أنشدنا أبو عبد الله بن أبي الفتح، قال: أنشدنا العلامة جمال الدين ابن مالك لنفسه في تذكير الأعضاء وتأنيثها:
يمين شمال كف القلب خنصر سه بنصر سن رحم ضلع كبد كرش عين الأذن القلت فخذ قدم ورك وكتف وعقب ساق الرجل ثم يد لسان ذراع عاتق عنق قفا كراع وضرس ثم إبهام العضد