يملك أحدٌ مثلها، فكان قومٌ يقولون ابتاعها من مصر بالخبز وقت شدّة الغلاء. وحدّثني أبو منصور عبد المحسن بن محمد أنّه ابتاعها بالأثمان الغالية. وكان يحضر بيع كتب السّيرافي، وهو شاهدٌ معروف بمصر، وبيعت كتبه في سنتين، وزادت على أربعين ألف مجلّدة.
قال: وكان أبو يوسف يبتاع في كلّ أسبوع بمائة دينار، ويقول: قد بعت رحلي وجميع ما في بيتي. وكان الرؤساء هناك يواصلونه بالذّهب.
وقيل: إنّه قدم بغداد معه عشرة أحمال كتب، وأكثرها بالخطوط المنسوبة.
وعنه قال: ملكت ستين تفسيراً، منها تفسير ابن جرير، وتفسير الجبائي، وتفسير ابنه أبي هاشم، وتفسير أبي مسلم بن بحر، وتفسير البلخي.
قال محمد بن عبد الملك: وأهدى أبو يوسف لنظام الملك أربعة أشياء ما لأحدٍ مثلها: غريب الحديث لإبراهيم الحربي في عشر مجلّدات بخطّ أبي عمر بن حيّويه، وشعر الكميت في ثلاث عشرة مجلّدة بخطّ أبي منصور، وعهد القاضي عبد الجبّار بن أحمد بخطّ الصّاحب بن عبّاد وإنشائه، فسمعت أبا يوسف يقول: كان سبع مائة سطر، كلّ سطر في ورقة سمرقندي، وله غلاف آبنوس يطبق كالأسطوانة الغليظة، وأهدى له مصحفاً بخطّ منسوب واضح، وبين الأسطر القراءات بالحمرة، وتفسير غريبه بالخضرة، وإعرابه بالزّرقة، وكتب بالذّهب علامات على الآيات التي تصلح للانتزاعات في العهود، والمكاتبات، والتّعازي، والتّهاني، والوعيد. فأعطاه نظام الملك ثلاث مائة دينار. فسمعت من يسأل أبا يوسف عن نظام الملك فقال: أعطيته أكثر ممّا أعطاني، وإنّما رضيت منه بالإكرام، وعذرته حين قال: ليس عندي حلال لا شبهة فيه سوى هذا القدر.
وسئل عنه المؤتمن السّاجّي فقال: قطعته رأساً لما كان يتظاهر به من خلاف الطّريق.
وقال محمد بن عبد الملك في تاريخه: كان أبو يوسف فصيح العبارة،