سليمان بدابق، قال لرجاء بن حيوة: من للأمر بعدي، أستخلف ابني؟ قال: ابنك غائب، قال: فالآخر، قال: صغير، قال: فمن ترى؟ قال: أرى أن تستخلف عمر بن عبد العزيز، قال: أتخوف بني عبد الملك، قال: ولّ عمر، ومن بعده يزيد، واختم الكتاب، وتدعوهم إلى بيعته مختوماً، قال: لقد رأيت، ائتني بقرطاس، فدعا بقرطاسٍ، وكتب العهد، ودفعه إلى رجاء، وقال: اخرج إلى الناس فليبايعوا على ما فيه مختوماً، فخرج إليهم، فامتنعوا، فقال: انطلق إلى صاحب الحرس والشّرط فاجمع الناس ومرهم بالبيعة، فمن أبى فاضرب عنقه، ففعل، فبايعوا على ما في الكتاب، قال رجاء: فبينا أنا راجع إذا بموكب هشام، فقال: تعلم موقعك منّا، وإنّ أمير المؤمنين قد صنع شيئاً ما أدري ما هو، وأنا أتخوّف أن يكون قد أزالها عنّي، فإن يكن عدلها عنّي فأعلمني ما دام في الأمر نفسٌ، قلت: سبحان الله، يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه، لا يكون ذا أبداً، فأدارني وألاصني، فأبيت عليه، فانصرف، فبينا أنا أسير، إذ سمعت جلبةً خلفي، فإذا عمر بن عبد العزيز، فقال لي: يا رجاء إنه قد وقع في نفسي أمرٌ كبير أتخوف أن يكون هذا الرجل قد جعلها إلي، ولست أقوم بهذا الشأن، فأعلمني ما دام في الأمر نفسٌ، لعلي أتخلص منه ما دام حياً، قلت: سبحان الله، يستكتمني أمير المؤمنين أمراً أطلعك عليه! فأدارني وألاصني، فأبيت عليه، وثقل سليمان، وحجب الناس، فلما مات أجلسته وسندته وهيأته، وخرجت إلى الناس، فقالوا: كيف أصبح أمير المؤمنين؟ قلت: أصبح ساكناً، وقد أحب أن تسلموا عليه وتبايعوا بين يديه، وأذنت للناس، فدخلوا، وقمت عنده، فقلت إن أمير المؤمنين يأمركم بالوقوف، ثم أخذت الكتاب من عنده، وتقدمت إليهم، وقلت: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تبايعوا على ما في هذا الكتاب، فبايعوا وبسطوا أيديهم، فلما بايعهم وفرغت، قلت لهم: آجركم الله في أمير المؤمنين، قالوا: فمن؟ ففتحت الكتاب، فإذا عمر بن عبد العزيز، فتغيرت وجوه بني عبد الملك، فلما قرأوا: بعده يزيد، فكأنهم تراجعوا، فقالوا: أين عمر؟ فطلبوه، فإذا هو في