كان شديداً على المبتدعة، له صيت عند السلطان وجلالة، وكان عارفاً بالمذهب أصولاً وفروعاً. أخذ عن المروذي، وصحب سهل بن عبد الله التستري.
وحكى أبو علي الأهوازي أنه سمع أبا عبد الله الحمراني يقول: لما دخل الأشعري بغداد جاء إلى البربهاري فجعل يقول: رددت على الجبائي وعلى النصارى والمجوس، وقلت وقالوا. فقال البربهاري: ما أدري مما قلت قليلاً ولا كثيراً، ولا نعرف إلا ما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل. قال: فخرج من عنده وصنف كتاب الإبانة، فلم يقبله منه.
وقد صنف أبو محمد البربهاري مصنفات، منها: شرح السنة، يقول فيه: واحذر صغار المحدثات من الأمور، فإن صغار البدع تعود كباراً. والكلام في الرب تعالى محدث وبدعة وضلالة، فلا نتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه. ولا نقول في صفاته: لم، ولا كيف، والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره، ليس مخلوقاً، لأن القرآن من الله وما كان منه فليس بمخلوق والمراء فيه كفرٌ.
وقال أبو عبد الله بن بطة: سمعت أبا محمد البربهاري يقول: المجالسة للمناصحة فتح باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة، غلق باب الفائدة. وسمعته لما أخذ الحاج يقول: يا قوم، إن كان يحتاج إلى معونة بمائة ألف دينار ومائة ألف دينار ومائة ألف دينار خمس مرات عاونته.
قال ابن بطة: لو أرادها لحصلها من الناس.
وقال أبو الحسين ابن الفراء: كان للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين كبيرة، وكان المخالفون يغلظون قلب السلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة أرادوا حبسه، فاستتر وقبض على جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة، فعاقب الله الوزير ابن مقلة وسخط عليه الخليفة وأحرقت داره، ثم سملت عينا الخليفة في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين. وأعاد الله البربهاري إلى حشمته وزادت، حتى أنه لما حضر