أخذ القراءات عن أبي جعفر بن عون الله الحصّار تلاوةً في سنة ستمائة، وروى عن جماعة. وولي قضاء بلده، روى عنه الناس، ومات سنة اثنتين، وستين. قاله ابن الزبير.
٨٣ - أبو القاسم بن منصور، القباري الزاهد، وسماه الإمام أبو شامة محمداً.
وكان شيخاً صالحاً، عابداً، قانتاً، خائفاً من الله، منقطع القرين في الورع، والإخلاص، وكان مقيماً ببستانٍ له بجبل الصيقل بظاهر الإسكندرية، وبه مات، وبه دفن بوصيةٍ منه.
قال أبو شامة: كان مشهوراً بالورع والزهد، وكان في غيطٍ له هو فلاحه يخدمه، ويأكل من ثماره وزرعه، ويتورع في تحصيل بذره حتى بلغني أنه كان إذا رأى ثمرةً ساقطة تحت أشجاره لم يأكلها خوفاً من أن يكون حملها طائرٌ من بستان آخر، وكنت اجتمعت به سنة ثمانٍ، وعشرين مع جماعة، فصادفناه يستقيّ على حماره، ويسقي غيطه من الخليج، فقدم لنا من ثمر غيطه، وحدثني القاضي شمس الدّين ابن خلكان، عن المجد ابن الخليلي أن الأثاث المخلف عنه، كان له أو كان لغيره، قيمته نحو خمسين درهماً، فبيع بنحو عشرين ألف درهم للبركة.
وقال الشريف: توفي في سادس شعبان. وكان أحد المشايخ المشهورين بكثرة الورع، والتحري، والمعروفين بالانقطاع والتخلي، وترك الاجتماع بأبناء الدنيا، والإقبال على ما يعنيه، وطريقه قل أن يقدر أحدٌ من أهل زمانه عليها، ولا نعلم أحداً في وقته، وصل إلى ما كان عليه من خشونة العيش والجد والعمل، وترك الاجتماع بالناس، والتحرز من الرياء والسمعة. كان تزوره الملوك فمن دونهم، فلا يكاد يجتمع بأحدٍ منهم، قال: وبالجملة فلم يترك بعده مثله، رحمه الله.
قلت: وبعض العلماء أنكر غلوه في الورع، وقال: هذا نوع من