يشعر، ولكن غدا نركب. فلما كان الغد ركبوا، وركب هذا المبارز، وركب أحمد السرماري ومعه عمود في كمه، فقام بإزائه، فدنا منه المبارز، فهزم أحمد نفسه منه حتى باعده من الجيش، ثم ضربه بالعمود فقتله، وتبع إبراهيم بن شماس لأنه كان سبقه بالخروج إلى بلاد المسلمين فلحقه. وعلم جبغويه فبعث في طلبه خمسين فارسا من خيار جيشه، فلحقوا أحمد. فوقف تحت تل مختفيا حتى مروا كلهم، ثم خرج، فجعل يضرب بالعمود واحدا بعد واحد، ولا يشعر من كان بالمقدمة حتى قتل تسعة وأربعين نفسا، وأخذ واحدا منهم فقطع أنفه وأذنيه وأطلقه، فذهب إلى جبغويه فأخبره. فلما كان بعد عامين وتوفي أحمد ذهب إبراهيم بن شماس في الفداء، فقال له جبغويه: من كان ذاك الذي قتل فرساننا؟ قال: ذاك أحمد السرماري، قال: فلم لم تحمله معك؟ قلت: إنه توفي، فصك في وجهه وصك في وجهي وقال: لو أعلمتني أنه هو لكنت أصرفه من عندي مع خمسمائة برذون وعشرة آلاف غنم.
وبه إلى غنجار قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد المقرئ، قال: سمعت بكر بن منير يقول: رأيت أحمد السرماري، وكان ضخما، أبيض الرأس واللحية، ومات بقريته سرمارى، فبلغ كراء الدابة من المدينة إليها عشرة دراهم، وخلف ديونا كثيرة، فكان غرماؤه ربما يشترون من ماله حزمة القصب من خمسين درهما إلى مائة درهم حبا له. فما رجعوا حتى قضوا ديونه.
وبه، قال: سمعت أبا نصر أحمد بن أبي حامد الباهلي، قال: سمعت أبا موسى عمران بن محمد المطوعي، قال: سمعت أبي يقول: كان عمود السرماري ثمانية عشر منا. فلما شاخ جعله اثني عشر منا، وكان يقاتل بالعمود.
وبه، قال: سمعت محمد بن خالد، وأحمد بن محمد، قالا: سمعنا عبد الرحمن بن محمد بن جرير، قال: سمعت عبيد الله بن واصل، قال: سمعت السرماري يقول، وأخرج سيفه فقال: أعلم يقينا أني قتلت به ألف تركي، وإن عشت قتلت به ألفا أخرى، ولولا أني أخاف أن تكون بدعة لأمرت أن يدفن معي.
ذكر محمود بن سهل الكاتب، وذكر السرماري، فقال: كانوا في بعض الحروب وقد حاصروا مكانا ورئيس العدو قاعد على صفة، فأخرج السرماري سهما فغرزه في الصفة فأوما الرئيس لينزعه، فرماه بسهم آخر خاط يده،