كان قديماً على نظر فارس، ثم ولي بعدها نظر واسط والبصرة، وآل أمره إلى وزارة أمير المؤمنين المقتدر. وكان كثير الأموال والحشم، بحيث أن له أربعمائة مملوك يحملون السلاح، وفيهم جماعة أمراء.
واستوزره المقتدر في سنة ست وثلاثمائة وعزل ابن الفرات. فقدم حامد بن العباس من واسط في أبهةٍ عظيمة، فجلس في الدست أياماً، فظهر منه سوء تدبير، وقلة خبرة بأعباء الوزارة، وشراسة خلق، فضم المقتدر معه علي بن عيسى الوزير، فمشت الأحوال، ولكن كان الحل والعقد إلى ابن عيسى.
وله أثر صالح في إهلاك الحلاج يدل على حسن إيمانه وعلمه في الجملة.
ولد سنة ثلاثٍ وعشرين ومائتين. وسمع من عثمان بن أبي شيبة. وما حدث.
وفي سنة ثمانٍ وثلاثمائة ضمن حامد سواد العراق، وجدد مظالم، وغلت الأسعار، فقصدت العامة دار حامد وضجوا وتكلموا، وهموا به، فخرج إليهم غلمانه فاقتتلوا، ودام القتال، واشتد الأمر، وعظم الخطب، وقتل جماعة.
ثم استضرت العامة وأحرقوا جسر بغداد، وركب حامد في طيار فرجموه. وكان مع ظلمه وعسفه وجبروته جواداً ممدحاً معطاء.
قال أبو علي التنوخي: حدثني القاضي أبو الحسن محمد بن عبد الواحد الهاشمي قال: كان حامد بن العباس من أوسع من رأيناه نفساً، وأحسنهم مروءة، وأكثرهم نعمة، وأشدهم سخاءً وتفقداً لمروءته. كان ينصب في داره كل يوم عدة موائد، ويطعم كل من حضر حتى العامة والغلمان. فيكون في بعض الأيام أربعين مائدة.
ورأى يوماً في دهليزه قشر باقلاء، فأحضر وكيله وقال: ويلك، يؤكل في داري باقلاء؟ فقال: هذا فعل البوابين. فقال: أوليست لهم جراية لحم؟ قال: بلى. فسألهم، فقالوا: لا نتهنأ بأكل اللحم دون عيالاتنا، فنحن ننفذه إليهم، ونجوع بالغداة، فنأكل