وبعض سنة تسع عشرة، قال: ولم تبق دار ولا قرية إلا مات أكثر أهلها، ولم يبق بمصر رئيس ولا شريف مشهور، وولت الدنيا عمن بقي من أولادهم، وركبهم الذل، وجفاهم السلطان؛ لأنهم خرجوا غير مرة وأثاروا الفتنة.
ثم سرد من مات من أشرافهم من أول دولة المأمون إلى آخرها، فسمى من كبارهم أبا نصر الوليد بن يعفر بن الصباح بن أبرهة، توفي سنة سبعٍ وتسعين ومائة، وإبراهيم بن حوي توفي فيها، وإبراهيم بن نافع الطائي، توفي سنة ثمانٍ وتسعين، وعثمان بن بلادة فيها، وهاشم بن حديج، ومحمد بن حسان بن عتاهية سنة تسعٍ وتسعين، وهبيرة بن هاشم بن حديج، وزرعة بن معاوية سنة مائتين. ثم سمى عددا كثيرا لا نعرفهم كان لهم جاه وحشمة في عصرهم بمصرهم، انمحت آثارهم وانطوت أخبارهم.
وفيها أمر المعتصم بهدم طوانة التي قدمنا أن المأمون أمر ببنائها، ثم حمل ما بها من الآلات والسلاح، وتفرق ما تعب عليه المأمون، وسافر الناس الذين أسكنوا بها إلى بلادهم، ثم انصرف المعتصم إلى بغداد، فدخلها في أول رمضان من السنة.
وفيها عظم الخطب واشتد الأمر بالخرمية - لعنهم الله - ودخل في دينهم خلق من أهل بلاد همذان وبلاد أصبهان، وجيشوا بأرض همذان، فسار لحربهم إسحاق بن إبراهيم بن مصعب في ذي القعدة، فظفر بهم، وقتل منهم ملحمة عظمى. فيقال: إنه قتل منهم ببلاد همذان ستين ألفا، وهرب باقيهم إلى بلاد الروم، وكان المصاف بأرض همذان مما يلي الري. وبعضهم يقول: قتل منهم فوق المائة ألف، وكانت ملحمة هائلة.
[سنة تسع عشرة ومائتين]
فيها توفي علي بن عياش الألهاني بحمص، وأبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي بمكة، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي بالكوفة، وعمرو بن حكام، وإبراهيم بن حميد الطويل، وسعد بن شعبة بن الحجاج بالبصرة، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار بمصر، وسليمان