وقال أبو عبيدة: لما مات يزيد انتقض أهل الري، فوجه إليهم عامر بن مسعود أمير الكوفة محمد بن عمير بن عطارد الدارمي، وكان إصبهبذ الري يومئذ الفرخان، فانهزم الفرخان والمشركون.
وفيها ظهرت الخوارج الذين بمصر، ودعوا إلى عبد الله بن الزبير، وكانوا يظنونه على مذهبهم، ولحق به خلق من مصر إلى الحجاز، فبعث ابن الزبير على مصر عبد الرحمن بن جحدم الفهري، فوثبوا على سعيد الأزدي فاعتزلهم. وأما الكوفيون، فإنهم بعد هروب ابن زياد اصطلحوا على عامر بن مسعود الجمحي، فأقره ابن الزبير.
وفيها هدم ابن الزبير الكعبة لما احترقت، وبناها على قواعد إبراهيم الخليل صلى الله عليه وعلى نبينا للحديث المشهور، وهو في البخاري؛ ومتنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عائشة، لولا أن قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة، ولأدخلت الحجر في البيت، ولجعلت لها بابين؛ بابا يدخل الناس منه، وبابا يخرجون منه، وقال: إن قريشا قصرت بهم النفقة، فتركوا من أساس إبراهيم الحجر، واقتصروا على هذا، وقال: إن قومك عملوا لها بابا عاليا، ليدخلوا من أرادوا، ويمنعوا من أرادوا. فبناه ابن الزبير كبيرا، وألصق بابه بالأرض، فلما قتل ابن الزبير وولي الحجاج على مكة أعاد البيت على ما كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ونقض حائطه من جهة الحجر فصغره، وأخرج منه الحجر، وأخذ ما فضل من الحجارة، فدكها في أرض البيت، فعلا بابه، وسد الباب الغربي.
[سنة خمس وستين]
توفي فيها أسيد بن ظهير الأنصاري، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومروان بن الحكم، وسليمان بن صرد، والمسيب بن نجبة، ومالك بن هبيرة السكوني - وله صحبة - والنعمان بن بشير في أول سنة - وقيل: في آخر سنة أربع - والحارث بن عبد الله الهمداني الأعور.