ولما انقضت وقعة مرج راهط في أول السنة بايع أكثر أهل الشام لمروان، فبقي تسعة أشهر ومات، وعهد إلى ابنه عبد الملك.
وفيها دخل المهلب بن أبي صفرة الأزدي خراسان أميرا عليها من جهة ابن الزبير، فكلمه أميرها الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي في قتال الأزارقة والخوارج، وأشار بذلك الأحنف بن قيس، وأمدوه بالجيوش، فسار وحارب الأزارقة أصحاب ابن الأزرق، وصابرهم على القتال حتى كسرهم، وقتل منهم أربعة آلاف وثماني مائة.
وفيها سار مروان بجيوشه إلى مصر، وقد كان كاتبه كريب بن أبرهة وعابس بن سعيد قاضي مصر، فحاصر جيشه والي مصر لابن الزبير، فخندق على البلد، وخرج أهل مصر، وهو اليوم الذي يسمونه يوم التراويح، لأن أهل مصر كانوا ينتابون القتال ويستريحون، واستحر القتل في المعافر، فقتل منهم خلق، وقتل يومئذ عبد الله بن يزيد بن معدي كرب الكلاعي أحد الأشراف، ثم صالحوا مروان، فكتب لهم كتابا بيده، وتفرق الناس، وأخذوا في دفن قتلاهم وفي البكاء، ثم تجهز والي مصر عبد الرحمن بن جحدم وأسرع إلى ابن الزبير، وضرب مروان عنق ثمانين رجلا تخلفوا عن مبايعته، وضرب عنق الأكيدر بن حمام اللخمي سيد لخم وشيخها في هذه الأيام، وكان من قتلة عثمان رضي الله عنه، وذلك في نصف جمادى الآخرة يوم مات عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وما قدروا يخرجون بجنازة عبد الله، فدفنوه بداره.
واستولى مروان على مصر، وأقام بها شهرين، ثم استعمل عليها ابنه عبد العزيز، وترك عنده أخاه بشر بن مروان، وموسى بن نصير وزيرا، وأوصاه بالمبالغة في الإحسان إلى الأكابر، ورجع إلى الشام.
وفيها وفد الزهري على مروان، قال عنبسة بن سعيد، عن يونس، عن الزهري: وفدت على مروان وأنا محتلم.
قلت: وهذا بعيد، وإنما المعروف وفادته أول شيء على عبد الملك في أواخر إمارته.
وفيها وجه مروان حبيش بن دلجة القيني في أربعة آلاف إلى المدينة،