للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقريبًا، وزاد عددها في بعض السنين على المئة (١).

[٢ - الشمول النوعي]

لم يقتصر الذهبيُّ على نوع معين من المشهورين والأعلام، بل تنوعت تراجمه فشملت كل فئات الناس من الخلفاء، والملوك، والأمراء، والسلاطين والوزراء والسياسيين، والنقباء، والقضاة، والمحامين، والشهود العدول، والقراء والمحدثين، والفقهاء، والأدباء، واللغوبين، والنحاة، والشعراء، والأطباء، والصيادلة، والتجار، والزهاد، والصوفية، وأرباب الملل والنحل والمتكلمين، والفلاسفة، وكل من اشتهر بشيء من الأشياء سواء أكان حسن الظن به أم سيئًا، ثقة أم كذابًا. ولم يكنْ ليمنعه من ذِكْرِ شخصٍ ما أن يكون مختلفًا معه في العقيدة كأن يكون معتزليًا أو رافضيًا أو زنديقًا، أو من غير الملتزمين بالدين كالمغنين والمجان والمُتَهتِّكين، أو أن يكون مختلفًا معه في الدين كأن يكون مشركًا أو يهوديًا أو نصرانيًا، ما داموا في نطاق دولة الإسلام (٢).

ومع أن المؤلف قصد أن يكون تاريخه شاملًا جميع الناس من المشاهير والأعلام، إلا أنه كان يُؤْثِرُ المُحَدِّثينَ على غيرهم، وفي القسم الأخير من كتابه أثر الدماشقة على مَنْ سواهم، لذلك جاءت الغالبية العظمى من المترجمين من أهل العناية بالحديث النبوي الشريف. وهذه ظاهرة طبيعية فيما أرى، لما عرفنا من تربية الذهبي ونشأته الحديثية وحبه لرواية الحديث وشَغَفهِ به ذلك الشغفَ العظيم الذي ملك عليه قلبه فهو من صنفهم واسع المعرفة بهم، ولأن المحدثين من أكثر الفئات التي عنيت بالرواية نظرًا للأهمية البالغة التي يحتلها الحديث النبوي في الحياة الإسلامية (٣) لاسيما في تلك الأعصر التي امتازت


(١) بلغ عدد التراجم في سنة ٦٩٥ هـ مئة وسبع تراجم (١٥/ ٨٠٣ - ٨٣٢) وبلغ عددها في سنة ٦٩٩ هـ مئة وتسعين ترجمة (١٥/ ٨٩٢ - ٩٤٥).
(٢) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ٣٤٦.
(٣) انظر عن مكانة الحديث وأهميته في التشريع كتاب مصطفى السباعي: السُّنة ومكانتها في التشريع الإسلامي (القاهرة ١٩٦٦)، ومحمد أبو زهو: الحديث والمحدثون، ص ٢٠ فما بعد (القاهرة ١٩٥٨).
. Robson: Hadith in Eney of Islam (New ed.)
وكان الإمام أحمد يفضل الحديث الضعيف ويقدمه على الرأي والقياس (محمد أبو زهرة: ابن حنبل، ص ٢٤٠ فما بعد وخاصة ص ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>