قال قطب الدّين: وفي أولها بلغ السلطان أن جماعة أمراء وأجناد اجتمعوا في دار ططماج، فتكلموا في الدولة، وزاد في الكلام ثلاثة أنفس، فسمر أحدهم وكحل الآخر، وقطعت رجلا الثالث، فانحسمت مادة الاجتماعات.
قال: وفي ربيع الآخر قطعت أيدي ثلاثة وأربعين نفساً من نقباء والي القاهرة، ومن الخفر والمقدمين، فمات بعضهم، وسبب ذلك ظهور شلوح ومناسر بالقاهرة وضواحيها.
وفيها نازلت التتر البيرة، فساق المحمدي وسم الموت للكشف، وأغار عيسى بن مهنا على أطراف بلادهم فرحلوا عن البيرة.
قال: وفي ربيع الآخر توجه السلطان بالعساكر إلى قيسارية فحاصرها وافتتحها عنوة في ثامن جمادى الأولى، وامتنعت القلعة عشرة أيام وأخذت وهرب من فيها إلى عكا، فخربها السلطان وأقطع قراها.
ثم سار فنازل أرسوف ونصب عليها المجانيق إلى أن تداعى برج تجاه الأمير ببليك الخزندار، فهجم البلد بأصحابه على غفلة، ووقع القتل والأسر وذلك في ثاني عشر رجب، ثم هدمت وعاد السلطان وزينب القاهرة.
وفيها أحرق بحارة الباطنية بالقاهرة حريق كبير، ذهب فيه ثلاثة وستون داراً، ثم كثر بعد ذلك الحريق بالقاهرة، واحترق ربع العادل وغير ذلك، فكانت توجد لفائف مشاق فيها النار والكبريت على الأسطحة، وعظم ذلك على الناس واتهموا بذلك النصارى وقدم السلطان فهم باستئصال النصارى واليهود، وأمر بجمع الأحطاب والحلفا في حفيرة ليحرقوا فيها، ثم كتفوا ليرموا في الحفيرة، فشفع فيهم الأمراء وأمروهم أن يشتروا أنفسهم، فقرروا عليهم خمسمائة ألف دينار يقومون منها في العام بخمسين ألف دينار