للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها شرع الفرنج وعمدوا إلى حصنٍ بين طبرية والبثنية يقال له: عال، فبلغ طغتكين صاحب دمشق، فسار وكبسهم وأسر وأخذ الحصن، وعاد بالأسارى والغنائم، وزينت دمشق أسبوعاً، ثم سار إلى حصن رفنية، وصاحبه ابن أخت صنجيل، فحصره طغتكين وملكه، وقتل به خمسمائة من الفرنج.

وفيها ملكت الإسماعيلية حصن فامية، وقتلوا صاحبه خلف بن ملاعب الكلابي، وكان خلف قد تغلب على حمص، وقطع الطريق، وعمل أنحس مما تعمله الفرنج، فطرده تتش عن حمص، فذهب إلى مصر، فما التفتوا إليه، فاتفق أن نقيب فامية من جهة رضوان بن تتش أرسل إلى المصريين، وكان على مذهبهم، يستدعي منهم من يسلم إليه الحصن، فطلب ابن ملاعب منهم أن يكون والياً عليه لهم، فلما ملكه خلع طاعتهم، فأرسلوا من مصر يتهددونه بما يفعلونه بولده الذي عندهم رهينة، فقال: لا أنزل من قلعتي، وابعثوا إلي ببعض أعضاء ابني حتى آكله، وبقي بفامية يقطع الطريق، ويخيف السبيل، وانضم إليه كثير من المفسدين.

ثم أخذت الفرنج سرمين، وأهلها رافضة، فتوجه قاضيها إلى ابن ملاعب فأكرمه وأحبه، ووثق به، فأعمل القاضي الحيلة، وكتب إلى أبي طاهر الصائغ، أحد رؤوس الباطنية ومن الواصلين عند رضوان صاحب حلب، واتفق معه على الفتك بابن ملاعب، وأحس ابن ملاعب فأحضر القاضي، فجاء وفي كمه مصحف، وتنصل وخدع ابن ملاعب، فسكت عنه؛ وكتب إلى الصائغ يشير عليه بأن يحسن لرضوان إنفاذ ثلاثمائة رجل من أهل سرمين الذين نزحوا إلى حلب، وينفذ معهم خيلاً من خيول الفرنج، وسلاحاً من سلاحهم، ورؤوساً، من رؤوس الفرنج، فيأتون ابن ملاعب في صورة أنهم غزاة، ويشكون من سوء معاملة الملك رضوان وأصحابه لهم، وأنهم فارقوه، فلقيتهم طائفة من الفرنج، فنصروا على الفرنج، وهذه رؤوسهم، ويحملون جميع ما معهم إليه، فإذا أذن لهم في المقام عنده يتفق معهم على إعمال الحيلة عليه.

ففعل الصائغ جميع ذلك، وجاؤوا بتلك الصورة، وقدموا لابن ملاعب ما معهم من خيل وغيرها، فأنزلهم ابن ملاعب في ربض فامية، فقام القاضي ليلة هو ومن معه بالحصن، فدلوا حبالاً، وأصعدوا أولئك من الربض، ووثبوا على أولاد ابن ملاعب وبني عمه فقتلوهم، وأتوا ابن ملاعب وهو مع امرأته

<<  <  ج: ص:  >  >>