قاضي قضاة المتقي لله بالشام. وأبو القاسم عمر بن الحسين الخرقي الحنبلي مصنف المختصر بدمشق. وتوزون الذي غلب على العراق وسمل المتقي لله، وصاحب مصر والشام الإخشيد محمد بن طُغج الفرغاني أبو بكر. ويقال: إن جده جُف ابن ملك فرغانة. وكل من ملك فرغانة سمي الإخشيد، أي ملك الملوك وهي من كبار مدن الترك. كما أن الإصبهبذ لقب ملك طبرستان، وصول ملك جرجان، وخاقان ملك الترك، والأفشين ملك أشروسنة، وسامان ملك سمرقند.
وكان مولد محمد الإخشيد ببغداد، وكان شجاعاً مهيباً فارساً، ولي دمشق، ثم ولي مصر من قِبل القاهر سنة إحدى وعشرين. وبدمشق توفي في آخر السنة بحمى حادة وله ستون سنة، ودفن في القدس. وكان له ثمانية آلاف مملوك. وقيل: إن عدة جيشه بلغت أربعمائة ألف رجل. وقام بعده ابنه أبو القاسم أنوجور مع غلبة كافور على الأمور.
وفيها مات القائم أبو القاسم محمد بن عبيد الله صاحب المغرب. وكان مولده بسلمية سنة ثمانٍ وسبعين. ودخل مع أبيه المغرب في زي التجار، فآل بهم الأمر إلى ما آل. وبويع هذا سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة عند موت أبيه.
وقد خرج عليه سنة اثنتين وثلاثين مخلد بن كيداد. وكانت بينهما وقائع مشهورة. وحصره مخلد بالمهدية وضيق عليه واستولى على بلاده، فعرض للقائم وسواس فاختلط عقله، ومات في تلك الحال في شوال، وله خمسٌُ وخمسون سنة. وستُرت وفاته سنة ونصفاً. وقام بعده ولي عهده المنصور بالله أبو الطاهر إسماعيل ولده.
وكان القائم شراً من أبيه المهدي، زنديقاً ملعوناً. ذكر القاضي عبد الجبار أنه أظهر سب الأنبياء - عليهم السلام -، وكان مناديه ينادي: العنوا الغار وما حوى، وقتل خلقاً من العلماء. وكان يراسل أبا طاهر القرمطي إلى البحرين وهجر، ويأمره بإحراق المساجد والمصاحف. ولما كثر فجوره اجتمع أهل الجبال على رجل من الإباضيّة يقال له مخلد بن كيداد، وكان شيخاً لا يقدر على ركوب الخيل، فركب حماراً. وكان وزيره أعمى، فاجتمع معه خلائق، فسار فحصر القائم بالمهدية.
وكان مخلد أعرج يُكنى أبا يزيد، وهو من زناتة، قبيلة كبيرة من البربر، وكان يتنسك ويقصر دلقه الصوف، ويركب حماراً، ولا يثبت على الخيل. وكان نافذ الأمر في البربر، زاهداً، ديناً، خارجياً. قام على بني عبيد، والناس