القسطنطينية جماعة يوم الجمعة، فأذَنت له. فصلى وخطب للإمام القائم. وكان رسول المستنصر خليفة مصر حاضراً، فأنكر ذلك. وكان ذلك من أعظم الأسباب في فساد الحال بين المصريين والروم.
ولما تمهّدت البلاد لطغرلبك سيّر إلى الخليفة القائم يخطب ابنته فشقّ ذلك على الخليفة واستعفى، ثم لم يجد بُدا، فزوّجه بها. ثم قدِم بغداد في سنة خمس وخمسين، وأرسل يطلبها، وحمل مائة ألف دينار برسم نقْل جهازها، فعُمل العرس في صفر بدار المملكة وأُجلست على سرير ملبّس بالذهب، ودخل السلطان إليها فقبّل الأرض بين يديها، ولم يكشف البرقُع عن وجهها إذ ذاك، وقدّم لها تحفاً، وخدم وانصرف فرحاً مسروراً. وبعث إليها عُقدين فاخرين، وخُسرواني ذهب، وقطعة ياقوت كبيرة. ثم دخل من الغد، فقبّل الأرض، وجلس مقابلها على سرير ساعةً، وخرج وبعث لها جواهر وفُرجيّة نسيج مكللة باللؤلؤ ومخنقة منسوجة باللؤلؤ. وفعل ذلك مرة أخرى أو أكثر، والخليفة صابر متألم، ولكنه لم يُمتَّع بعد ذلك، فإنه توفي بعد ذلك بأشهر في رمضان بالري. وعاش سبعين سنة. وحُمل تابوته فدُفن بمرو عند قبر أخيه داود، وقيل: بل دُفن بالري. وانتقل ملكه إلى ابن أخيه ألب أرسلان. وأما زوجته هذه فعاشت إلى سنة ست وتسعين وأربعمائة. هذا من تاريخ القاضي شمس الدين ابن خلّكان.
قلت: وأخوه داود هو جَغربيك.
وقد ذكر ابن السمعاني أن السلطان مسعود بن محمود بن سُبُكتكين قصد بجيوشه طغرلبك وجغربيك، فواقعهم في سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، فانكسر بنواحي دندانقان، وتحيّز إلى غَزْنة منكسراً، وتملّك آل سَلْجوق البلاد وقسّموها، فصارت مرو وسرخس وبلْخ إلى باب غَزْنة لجغربيك، وصارت نيسابور وخوارزم لطُغرلبك. ثم سار طُغرلبك إلى العراق وملك الري وأصبهان وغير ذلك.
وكان موصوفاً بالحلم والديانة، ولم يولد له ولد.
ومن كرمه أن أخاه إبراهيم ينال أسر بعض ملوك الروم لما حاربهم، فبذل