سنجر، وأتابكه الأمير أي أبه، فلما دخل شعبان سارت الغز إلى مرو، فنهض لحربهم الأمير المؤيد، فظفر بهم، وقتل بعضهم، فدخلوا مرو، فجاء الخاقان من سرخس، وانضم إليه المؤيد، فالتقوا في شوال، فكان بينهم مصاف لم يسمع بمثله، وبقي القتال يومين، وتواقعوا مرات عديدة وانهدم الغز ثلاث مرات، ثم يعودون للقتال، فلما طلع الضوء من الليلة الثانية انجلت الحرب عن هزيمة الخراسانية، وظفر الغز بهم قتلًا وأسرًا وعادوا إلى مرو، وقد استغنوا عن الظلم المفرط فشرعوا في العدل وإكرام العلماء، ثم أغاروا على سرخس وأخربوا رساتيقها، وعملوا كل شر. وقتل من أهل سرخس نحو من عشرة آلاف نفس، وعادوا إلى مرو، وتقهقر الخاقان بعساكره إلى جرجان. فلما دخلت سنة أربع بعث إليه الغز يسألونه القدوم ليملكوه كما كان فلم يركن إليهم، فأرسلوا يطلبون ابنه جلال الدين محمد، وترددت الرسل، فبعث إليهم ابنه، ولما اطمأن هو سار إليهم، وكان مستضعفًا معهم في السلطنة.
قال ابن الجوزي: وحججت فيها، وتكلمت بالحرم مرتين.
وفيها مصرع الإسماعيلية الخراسانيين، وذلك أنهم نزلوا في ألف وسبعمائة رجل على روق كبير للتركمان، فلم يجدوا به الرجال، فسبوا الذرية، وحازوا الروق، وقتلوا الرجال وأحرقوا الأشياء الثقيلة. وبلغ الخبر عسكر التركمان، فأسرعوا فأدركوا الإسماعيلية لعنهم الله، وهم يقتسمون الغنيمة، فأحاطوا بهم ووضعوا فيهم السيف، وألقى الله الذل على الإسماعيلية، واستولى عليهم القتل والأسر، فلم ينج منهم إلا تسعة أنفس. قاله ابن الأثير.
وفي صفر خرج جيش من مصر فأغاروا على غزة، وعسقلان، ونواحيها، فالتقاهم الفرنج، فانتصر المصريون، ووضعوا في الفرنج السيف بحيث لم يسلم منهم إلا الشريد، ورجعوا بالغنائم.
وخرج نور الدين من دمشق بآلات الحرب مجدًا في جهاد الفرنج، وأغار عسكره على أعمال صيدا، فقتلوا خلقًا.