وعن أبي زرعة، قال: حرز كتب أحمد يوم مات، فبلغت اثني عشر حملا وعدلا، ما كان على ظهر كتاب منها: حديث فلان؛ ولا في بطنه حدثنا فلان، وكل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه.
وقال الحسن بن منبه: سمعت أبا زرعة، قال: أخرج إلي أبو عبد الله أجزاء كلها سفيان، سفيان، ليس على حديث منها: حدثنا فلان. فظننتها عن رجل واحد، فانتخبت منها. فلما قرأ علي جعل يقول: حدثنا وكيع، ويحيى، وحدثنا فلان، فعجبت من ذلك، وجهدت أن أقدر على شيء من هذا، فلم أقدر.
قال المروذي: سمعت أبا عبد الله يقول: كنت أذاكر وكيعا بحديث الثوري، وكان إذا صلى العشاء الآخرة خرج من المسجد إلى منزله. فكنت أذاكره، فربما ذكر تسعة أو عشرة أحاديث، فأحفظها. فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أمل علينا. فأملها عليهم.
وقال الخلال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، قال: سمعت قتيبة بن سعيد يقول: كان وكيع إذا كانت العتمة ينصرف معه أحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيذاكره. فأخذ وكيع ليلة بعضادتي الباب، ثم قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سفيان، قال: هات. قال: تحفظ عن سفيان، عن سلمة بن كهيل كذا؟ قال: نعم، حدثنا يحيى. فيقول: سلمة كذا وكذا، فيقول: حدثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سلمة كذا كذا. فيقول: أنت حدثتنا، حتى يفرغ من سلمة، ثم يقول أحمد: فتحفظ عن سلمة كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثم يأخذ في حديث شيخ شيخ. فلم يزل قائما حتى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت: الزهرة.
وقال عبد الله: قال لي أبي: خذ أي كتاب شئت من كتب وكيع. فإن شئت أن تسألني عن الكلام حتى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد، حتى أخبرك عن الكلام.
وقال الخلال: سمعت أبا القاسم بن الختلي - وكفاك به - يقول: أكثر الناس يظنون أن أحمد إذا سئل كان علم الدنيا بين عينيه.
وقال إبراهيم الحربي: رأيت أحمد كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين.
وعن أحمد بن سعيد الرازي قال: ما رأيت أسود الرأس أحفظ لحديث