للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سنة خمس وثمانين وأربعمائة]

فيها وقعة جيان بالأندلس؛ كانت بعد وقعة الزلاقة، وتقاربها في الكبر فإن الأذفونش جمع جموعاً عظيمة، وقصد بلاد جيان، فالتقاه المرابطون فانهزم المسلمون، وأشرف الناس على خطة صعبة، ثمّ أنزل الله النصر، فثبتوا وهزموا الكفار، ووضعوا السيف فيهم، ونجا الأذفونش في نفر يسير. ثمّ تهيأ في العام القابل وأغار على القرى وحرق الزرع، وبقي الناس معه في بلاء شديد، وشاخ وعمر، وكان من دهاة الروم، وهو أكبر ملك للفرنج، تحت يده عدة ملوك وجعل دار مملكته طليطلة، فبقي مجاوراً لبلاد الإسلام. وهو من ذرية هرقل. وكان عنده كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جده، قال اليسع بن حزم: حدثنا الفقيه أبو الحسن بن زيدان قال: لما توجهنا إلى ابن بنته رسلاً أنا وفلان، أمر فأخرج سفط فيه حق ذهب مرصع بالياقوت والدر، فاستخرج منه الكتاب كما نصه في صحيح البخاري فلما رأيناه بكينا، فقال: مم تبكون؟ فقلنا: تذكرنا به النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إنما هذا الكتاب شرفي وشرف آبائي من قبلي.

وفيها أمر السّلطان ملكشاه لقسيم الدّولة وبوزان وغيرهما أن يسيروا في خدمة أخيه تتش، حتّى يستولوا على ما بيد المستنصر العبيدي بالسّواحل، ثمّ يسيرون بعد ذلك إلى مصر فيفتحونها، فساروا إلى أن نزلوا على حمص، وبها صاحبها ابن ملاعب، وكان كثير الأذية للمسلّمين، فأخذوا منه البلد بعد أيام. ثمّ ساروا إلى حصن عرقة، فأخذوه بالأمان. ثمّ نازل طرابلس، فرأى صاحبها جلال الملك ابن عمار جيشاً لا قبل له به، فأرسل إلى الأمراء الذين مع تتش، ووعدهم ليصلحوا حاله، فلم ير فيهم مطمعاً ثمّ سير لقسيم الدّولة ثلاثين ألف دينار وتقادم فسعى له عند تتش هو وكاتبه، فغضب تتش وقال: هل أنت إلا تابع لي. فخلاه في الليل، ورحل إلى حلب، فاضطر تتش إلى التّرحل عن البلد وانتقض ما قرر لهم السّلطان من الفتوح.

وفيها افتتح للسلطان اليمن؛ كان فيمن حضر إلى خدمته ببغداد جبق أمير التّركمان صاحب قرميسين، فجهزه السّلطان في جماعة أمراء من التّركمان إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>