وأجابه بما عنده عن مالك وما يراه، والناس يتكلمون في هذه المسائل.
قال عبد الرحيم الزاهد: قدم علينا أسد فقلت: بم تأمرني؛ بقول مالك أو بقول أهل العراق؟ فقال: إن كنت تريد الله والدار الآخرة فعليك بمالك، وإن كنت تريد الدنيا فعليك بقول أهل العراق. ولما كان بالعراق كان يلزم محمد بن الحسن فنفدت نفقته، وكلم محمدٌ فيه الدولة، فوصلوه بعشرة آلاف درهم.
قال: ومات صاحب لنا، فنودي على كتبه، فكان المنادي يقول: هذه مقابلة على كتب الإفريقي؛ يريدني، وكنت معروفا بتصحيح المقابلة، فبيعت ورقتين بدرهم.
وعنه قال: قال لي ابن القاسم: كنت أقرأ ختمتين في اليوم والليلة، فأنزل لك عن ختمة رغبة في إحياء العلم.
وقال داود بن أحمد: رأيت أسدا يعرض التفسير، فقرأ:{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي} فقال: ويل أم أهل البدع، يزعمون أن الله خلق كلاما يقول: أنا.
قلت: ومضى أسد بن الفرات غازيا أميرا من قبل زيادة الأغلبي أمير القيروان، فافتتح بلدا من جزيرة صقلية، ومات هناك في ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة ومائتين.
وكان بطلا شجاعا زحف إليه ملك صقلية في مائة ألف وخمسين ألفا. قال بعضهم: فلقد رأيت أسدا وفي يده اللواء يقرأ يس، ثم حمل بالناس فهزم الله المشركين، وانصرف أسد فرأيت الدم قد سال مع قناة اللواء على ذراعه وقد جمد. ومرض وهو محاصر سرقوسية.
ويقال: إن أسدا قال: أيها الأمير، عزلتني عن القضاء؟ فقال: لا، ولكن زدتك الإمرة وهي أشرف؛ فأنت أمير وقاضٍ.
٣٦ - خت د ن: أسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك بن مروان، الحافظ الأموي المرواني، أسد السنة، المصري.
ولد بمصر - ويقال: بالبصرة - سنة اثنتين وثلاثين ومائة عند زوال دولة بني مروان، فنشأ في طلب الحديث. وروى عن شعبة، وجرير بن عبد الحميد، وبكر بن خنيس، وشيبان النحوي، وعافية بن يزيد، وعبد الرحمن المسعودي،