وتفقه ببغداد على: أبي بكر الشاشي، وأخذ عنه التعليقة الكبرى، وأخذ بالشام عن الفقيه نصر المقدسي.
ورجع إلى بلاده في سنة تسعين بعلم كثير، وأسانيد شاهقة، واستوطن مرسية، وجلس للإسماع بجامعها، ورحل الناس إليه، وكان عالمًا بالحديث وطرقه، عارفًا بعلله ورجاله، بصيرًا بالجرح والتعديل، مليح الخط، جيد الضبط، كثير الكتابة، حافظًا لمصنفات الحديث، ذاكرًا لمتونها وأسانيدها، وكان قائمًا على الصحيحين مع جامع أبي عيسى، ولي قضاء مرسية ثم استعفى منه فأعفي، وأقبل على نشر العلم وتأليفه، وكان صالحًا دينًا، خيرًا، عاملًا بعلمه، حليمًا، متواضعًا.
قال ابن بشكوال: هو أجل من كتب إلي بالإجازة.
وخرج له القاضي عياض مشيخة، فذكر في أولها ترجمة لأبي علي في أوراق، وأنه أخذ عن مائة وستين شيخًا، وأنه جالس نحو أربعين شيخًا من الصالحين والفضلاء، وأنه أكره على القضاء فوليه، ثم اختفى حتى أعفي منه، وأنه قرأ بروايات على أبي الفضل بن خيرون، ولقالون على رزق الله التميمي، وأن الفقيه نصر بن إبراهيم كتب عنه ثلاثة أحاديث.
قلت: روى عنه بدمشق: ابنا صابر، وأبو المعالي محمد بن يحيى القرشي القاضي، وبالمغرب: القاضي عياض، وخلق، وقد سمع منه عياض صحيح مسلم، حدثه به عن العذري، عن أبي العباس أحمد بن الحسن الرازي.
استشهد أبو علي الصدفي في وقعة قتندة بثغر الأندلس، لست بقين من ربيع الأول، وهو من أبناء الستين، وكانت هذه الوقعة على المسلمين، وكان عيش أبي علي من كسب بضاعة مع ثقات إخوانه.
١٣٤ - حمد بن محمد بن أحمد بن مندويه، أبو القاسم الأصبهاني القاضي.
ولد في حدود الثلاثين، وسمع: أبا بكر بن ريذة، روى عنه: السمعاني