لا. قلت: والله هؤلاء يحسدونه. فهل في هذه البلاد أرفع منك؟ قال: لا. فقلت: هذا الرجل أرفع العلماء. فقال: جزاك الله خيرا كما عرفتني هذا.
وقال أبو المظفر ابن الجوزي في تاريخه: اجتمع قاضي دمشق محيي الدين والخطيب ضياء الدين وجماعة، وصعدوا إلى متولي القلعة أن عبد الغني قد أضل الناس ويقول بالتشبيه، فعقدوا له مجلسًا وأحضروه، فناظرهم، فأخذوا عليه مواضع، منها قوله: لا أنزهه تنزيهًا ينفي حقيقة النزول. ومنها: كان الله ولا مكان، وليس هو اليوم على ما كان. ومنها مسألة الحرف والصوت. فقالوا: إذا لم يكن على ما كان، فقد أثبت له المكان. وإذا لم تنزهه تنزيهًا ينفي عنه حقيقة النزول فقد أجزت عليه الانتقال. وأما الحرف والصوت فإنه لم يصح عن إمامك فيه شيء وإنما المنقول عنه أنه كلام الله لا غير. وارتفعت الأصوات، فقال له صارم الدين بزغش والي القلعة: كل هؤلاء على ضلالة، وأنت على الحق؟ قال: نعم. فأمر الأسارى، فنزلوا فكسروا منبره، ومنعوا الحنابلة من الصلاة، ففاتتهم صلاة الظهر.
وقال أبو المظفر في مكان آخر: اجتمع الشافعية، والحنفية، والمالكية بالملك المعظم بدار العدل، وكان يجلس فيها هو والصارم بزغش، فكان ما اشتهر من أمر عبد الغني الحافظ، وإصراره على ما ظهر من اعتقاده، وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره، وأنه مبتدع لا يجوز أن يترك بين المسلمين، فسأل أن يُمهل ثلاثة أيام لينفصل عن البلد، فأجيب.
قلت: قوله: وإجماع الفقهاء على الفتيا بتكفيره كلام ناقص، وهو كذب صريح، وإنما أفتى بذلك بعض الشافعية الذين تعصبوا عليه، وأما الشيخ موفق الدين وأبو اليمن الكندي شيخا الحنفية والحنابلة فكانا معه. ولكن نعوذ بالله من الظلم والجهل.
قال أبو المظفر: وسافر عبد الغني إلى مصر، فنزل عند الطحانين، وصار يقرأ الحديث، فأفتى فقهاء مصر بإباحة دمه، فكتبوا إلى ابن شكر الوزير يقولون: قد أفسد عقائد الناس، ويذكر التجسيم على رؤوس الأشهاد. فكتب