للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان قد عثر السيف السامري وأخذ منه الزنبقية، فمضى السيف إليه إلى العذرواية وتغمّم له تغمُّم تَشَفٍّ، فقال له ناصر الدين: سألتك بالله لا تعود تجيء إليَّ، فقال: مو ينصبر لي (١)، ثم عمل السيف السّامريّ هذه القصيدة:

ورد البشير بما أقرّ الأعينا … فشفى الصّدور وبلْغ الناس المُنَى

واستبشروا وتزايدت أفراحهم … فالكّل مشتركون فِي هذا الهنا

وتقدّم الأمر الشريف بأخذ ما … نهب الخؤون من البلاد وما اقتنى

يا سيّد الأمراء يا شمس الهدى … يا ماضي العزمات يا رحبَ الفنا

عجّل بذبح المقدسي وسلخه … واحقن دماء الإِسْلَام من وُلِد الزّنا

واغلُظ عَلَيْهِ ولا ترق فكلّ ما … يَلقَى بما كسبت يداه وما جنى

فَلَكَم يتيم مُدقع ويتيمة … من جوره باتوا عَلَى فرش الضّنا

ولكم غني ظلّ فِي أيّامه … مسترفدًا للنّاس من بعد الغنى

إن أنكر اللّصّ الخبيث فعاله … بالمسلمين فأوّل القتلى أَنَا

ثم جاء مرسوم بحمله إلى مصر، فخافوا من غائلته، فلمّا كَانَ ثالث شعبان أصبح المقدسيّ مشنوقًا بعمامته بالعذْراوّية، فحضر جماعة عُدُول وشاهدوا الحال ودُفن بمقابر الصّوفيّة.

سَمِعَ منه: البِرْزاليّ (٢) وغيره، رَأَيْته شيخًا مربوعًا وهو يختال فِي مشّيَته بالخلعة والطيلسان، عفا الله عنه.

٥٨٩ - محمد بن عبد الرزاق بن رزق الله بن أبي بكر، العدل، العالم، شمس الدين، ابن المحدّث الرَّسعني، الحنبلي، نزيل دمشق.

كان شيخاً أبيض اللحية، مليح الشكل ولد سنة بضع عشرة وستمائة وسمع من أبي الحسن بن روزبة وابن بهروز ونصر بن عبد الرزاق الجيلي وابن القبيطي وجماعة ببغداد ومن: كريمة وغيرها بدمشق وسكن دمشق وأمَّ بالمسجد الكبير بالرمّاحين. وجلس تحت الساعات، فكان من أعيان الشهود. وكان له شعر جيد. وقد سافر إلى مصر في شهادة.

قال الشيخ قطب الدين: فاجتمعت به هناك غير مرة. وكان يتردد إلى


(١) يعني: لا أصبر على ذلك.
(٢) وترجمه في المقتفي ١/ الورقة ١٥٩ - ١٦٠.