للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيتذاكرون الموت والقيامة، ثم يبكون، حتى كأن بين أيديهم جنازة.

وعن سعيد بن أبي عروبة وغيره، أن عمر بن عبد العزيز كان إذا ذكر الموت اضطربت أوصاله.

قال معاوية بن يحيى: حدثني أرطاة قال: قيل لعمر بن عبد العزيز: لو جعلت على طعامك أميناً لا تغتال، وحرساً إذا صليت، وتنح عن الطاعون؛ قال: اللهم إن كنت تعلم أني أخاف يوماً دون يوم القيامة، فلا تؤمن خوفي.

روى علي بن أبي حملة، عن الوليد بن هشام قال: لقيني يهودي فقال: إن عمر بن عبد العزيز سيلي، ثم لقيني آخر ولاية عمر، فقال: صاحبك قد سقي فمره فليتدارك، فأعلمت عمر، فقال: قاتله الله، ما أعلمه؟ لقد علمت الساعة التي سقيت فيها، ولو كان شفائي أن أمسح شحمة أذني أو أوتي بطيبٍ فأرفعه إلى أنفي ما فعلت. رواه الناس عن ضمرة عنه، ولكن بعضهم قال: عمرو بن مهاجر، بدل الوليد.

مروان بن معاوية، عن معروف بن مشكان، عن مجاهد قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما يقول الناس في؟ قلت: يقولون مسحور، قال: ما أنا بمسحورٍ، ثم دعا غلاماً له فقال: ويحك ما حملك على أن تسقيني السم؟ قال: ألف دينارٍ أعطيتها، على أن أعتق، قال: هاتها، فجاء بها، فألقاها في بيت المال، وقال: اذهب حيث لا يراك أحد.

قلت: كانت بنو أمية قد تبرمت بعمر، لكونه شدد عليهم، وانتزع كثيراً مما في أيديهم مما قد غصبوه، وكان قد أهمل التحرز، فسقوه السم.

سفيان بن عيينة: قلت لعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: ما آخر ما تكلم به أبوك عند موته؟ فقال: كان له من الولد أنا، وعبد الله، وعاصم، وإبراهيم، وكنا أغيلمةً، فجئنا كالمسلمين عليه والمودعين له، فقيل له: تركت ولدك ليس لهم مالٌ، ولم تؤوهم إلى أحد! فقال: ما كنت لأعطيهم ما ليس لهم، وما كنت لآخذ منهم حقاً هو لهم، وإن وليي فيهم الله الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>