ثم في سنة سبع قطع صلاح الدين خطبة العاضد بمصر، وخطب للمستضيء. ومات العاضد واستولى صلاح الدين على القصر وذخائره، وقبض على الفاطميين.
وفي سنة ثمان وستين فتح أخوه شمس الدولة برقة ونفوسًا.
وفي سنة تسع مات أبوه، ونور الدين، وافتتح أخوه شمس الدولة اليمن، وقبض على المتغلب عليها عبد النبي بن مهدي المهدي، وكان شابًا أسود.
وفي سنة سبعين سار من مصر، وملك دمشق.
وفي سنة إحدى وسبعين حاصر عزاز. قال ابن واصل: حاصر عزاز ثمانية وثلاثين يومًا بالمجانيق، وقتل عليها كثير من عسكره. وكانت لجاولي الأمير خيمة، كان السلطان يحضر فيها، ويحض الرجال على الحرب، فحضرها والباطنية، الذين هم الإسماعيلية، في زي الأجناد وقوف، إذ قفز عليه واحد منهم، فضرب رأسه بسكين، فلولا المغفر الزرد، وكان تحت القلنسوة، لقتله. فأمسك السلطان يد الباطني بيديه، فبقي يضرب في عنقه ضربًا ضعيفًا، والزرد يمنع، فأدرك السلطان مملوكه يازكوج الأمير، فأمسك السكين فجرحته، وما سيبها الباطني حتى بضعوه. ووثب آخر، فوثب عليه الأمير داود بن منكلان، فجرحه الباطني الآخر في جنبه فمات وقتل الباطني، ثم جاء باطني ثالث، فماسكه الأمير علي بن أبي الفوارس، فضمه تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا يقدر على الضرب بالسكين، ونادى: اقتلوني معه، فقد قتلني وأذهب قوتي. فطعنه ناصر الدين محمد بن شيركوه فقتله، وانهزم آخر فقطعوه، وركب السلطان إلى مخيمه ودمه سائل على خده، واحتجب في بيت خشب، وعرض الجند، فمن أنكره أبعده. ثم تسلم القلعة بالأمان.
وفي سنة ثلاث كسرته الفرنج على الرملة، وفر عندما بقي في نفرٍ يسير.