للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سنة ثمانٍ عبر الفرات، وفتح حران، وسروج، والرها، والرقة، والبيرة، وسنجار، ونصيبين، وآمد، وحاصر الموصل، وملك حلب، وعوض عنها سنجار لصاحبها عماد الدين زنكي الذي بنى العمادية بالموصل.

ثم إن صلاح الدين حاصر الموصل ثانيًا وثالثًا، ثم هادنه صاحبها عز الدين مسعود، ودخل في طاعته، ثم تسلم صلاح الدين البوازيج، وشهرزور، وأنزل أخاه الملك العادل عن قلعة حلب، وسلمها لولده الملك الظاهر، وعمره إحدى عشر سنة. وسير العادل إلى ديار مصر نائبًا عنه، وكان بها ابن أخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه، فغضب حيث عزله، وأراد أن يتوجه إلى المغرب، وكان شهمًا شجاعًا، فخاف صلاح الدين من مغبة أمره، فلاطفه بكل وجهٍ حتى رجع مغضبًا وقال: أنا أفتح بسيفي ما أستغني به عما في أيديكم. وتوجه إلى خلاط، وفيها بكتمر، فالتقى هو وبكتمر، فانكسر بكتمر شر كسرة، وسير تقي الدين علمه وفرسه إلى دمشق وأنا بها، وكان يومًا مشهودًا.

وفي سنة ثلاث وثمانين فتح صلاح الدين طبرية، ونازل عسقلان، وكانت وقعة حطين، واجتمع الفرنج، وكانوا أربعين ألفًا، على تل حطين، وسبق المسلمون إلى الماء، وعطش الفرنج، وأسلموا نفوسهم وأخذوا عن بكرة أبيهم، وأسرت ملوكهم.

ثم سار فأخذ عكا، وبيروت، وقلعة كوكب، والسواحل. وسار فأخذ القدس بالأمان بعد قتالٍ ليس بالشديد.

ثم إن قراقوش التركي مملوك تقي الدين عمر المذكور توجه إلى المغرب لما رجع عنها مولاه، فاستولى على أطراف المغرب، وكسر عسكر تونس، وخطب لبني العباس. وإن ابن عبد المؤمن قصد قراقوش، ففر منه ودخل البرية. ثم دخل إليه مملوك آخر يسمى بوزبه، واتفقا، ثم اختلفا، ولو اتفقا مع المايرقي لأخذوا المغرب بأسره. ووصلت خيل المايرقي إلى قريب مراكش، وتهيأ الموحدون للهرب، لكن أرسلوا رجلًا يعرف بعبد الواحد له رأي ودهاء، فقاوم المايرقي بأن أفسد أكثر أصحابه والعرب الذين حوله بالأموال، وكسره مرات، وجرت أمورٌ ليس هذا موضعها.

ثم إن الفرنج نازلوا عكا مدةً طويلة، وكانوا أممًا لا يُحصون، وتعب المسلمون، واشتد الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>