للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغصوب، ولا آكل من ذلك شيئا. فبقي ما شاء الله يتقوت من ذلك الخبز اليابس، ولحقه منه مرض.

وكان الوالد يختم في المسجد في كل ليلة جمعة ويدعو، ما أخل بهذا سنين عديدة إلا لعذر.

ولعل يقول ناظر في هذا: كيف استجاز مدح والده؟ فإنما حملنا على ذلك كثرة قول المخالفين، وما يلقون إلى تابعيهم من الزور والبهتان، ويتخرصون على هذا الإمام من التحريف والعدوان.

أنشدني بعض أصحابه، فقال:

من اقتنى وسيلةً وذخرا يرجو بها مثوبة وأجرا فحجتي يوم أوافي الحشرا معتقدي عقيدة ابن الفرا قال أبو الحسين: اعلم، زادنا الله وإياك علما ينفعنا به، وجعلنا ممن آثر الآيات الصريحة، والأحاديث الصحيحة، على آراء المتكلمين، وأهواء المتكلفين، أن الذي درج عليه صالحو السلف التمسك بكتاب الله، واتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ما روي عن الصحابة، ثم عن التابعين والخالفين لهم من علماء المسلمين: الإيمان والتصديق بكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتنقير، والتسليم لذلك، من غير تعطيل، ولا تشبيه، ولا تفسير، ولا تأويل، وهي الطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، فهم أصحاب الحديث والأثر، والوالد تابعهم. هم خلفاء الرسول، وورثة حكمته، بهم يلحق التالي، وإليهم يرجع الغالي. وهم الذين نبزهم أهل البدع والضلال أنهم مشبهة جهال؛ فاعتقاد الوالد وسلفه أن إثبات الصفات إنما هو إثبات وجود، لا إثبات تحديد وكيفية، وأنها صفات لا تشبه صفات البرية، ولا يدرك حقيقة علمها بالفكر والروية. فالحنبلية لا يقولون في الصفات بتعطيل المعطلة، ولا بتشبيه المشبهين، ولا بتأويل المتأولين. بل مذهبهم حق بين باطلين، وهدى بين ضلالتين. إثبات الأسماء والصفات، مع نفي التشبيه والأدوات، على أن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}

وقد قال الوالد في أخبار الصفات: المذهب في ذلك قبول هذه الأحاديث على ما جاءت به،

<<  <  ج: ص:  >  >>